قالت لو عذبتني سبعين شهرا ما كفرت.
فلما رأى إصرارها هددها بذبح أولادها، ولم تفعل، فذبح ابنها الكبير على صدرها وقال إن لم تكفري ذبحت الاخر على فيك، قالت لو ذبحت أهل الأرض ما كفرت.
فبادر بذبحه فجزعت فأنطقه اللّه وقال يا أماه اصبري ولا تجزعي فقد بنى اللّه لك بيتا في الجنة.
فصبرت ولم تلبث ان ماتت رحمها اللّه، فأسكنها اللّه الجنة.
وهكذا فعل بآسية بنت مزاحم زوجته كما سيأتي في الآية ١١ من سورة التحريم في ج ٣، وصبرت هذه وعذابها أشد من عذاب بلال المار ذكره في الآية ١٠ من سورة والليل المارة، قالوا وبعث رجلين في طلب زوجها فوجدوه يصلي والوحوش وراءه صفوفا، فتركوه وانصرفوا فقال حزقيل اللهم انك تعلم اني كتمت إيماني مائة سنة فأيما هذين الرجلين كتم علي فاهده إلى دينك وأيما منهما أظهر علي فعجل عقوبته.
فأخبر أحدهما فرعون وكتم الآخر فقتل الذي أخبره وأنعم على الآخر اجابة لدعوته
قال تعالى "الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ ١١" وتجبروا على أهلها وارتكبوا انواع المعاصي "فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ ١٢" قتلا ونهبا وسبيا وغصبا وأخذوا ظلما وعدوانا وتعذيبا وتوغلوا في سائر البشر بانواع التعدي وهم يتنعمون بنعم اللّه، فلما أظهر اللّه عتوهم وعنادهم للملأ وعلم إصرارهم أزلا وانه أمهلهم ليطلع خلقه على أفعالهم المستحقة لتعذيبهم ولم ينجع بهم ذلك الإمهال حتى قضي أمرهم وحان وقت أخذهم المقدر عنده، جنح إلى هلاكهم "فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ" يا محمد "سَوْطَ عَذابٍ ١٣" لونا من ألوانه ونوعا من أنواعه، والسوط يشعر بزيادة الألم أي عذبهم عذابا شديدا، كان الحسن إذا قرأ هذه الآية يقول ان عند اللّه أسواطا كثيرة فأخذهم بسوط منها "إِنَّ رَبَّكَ
لَبِالْمِرْصادِ ١٤"