لم يثبت، فيجب أن يكون الكلام على طريقة الجواز لا على وجه القطع، ولقائل أن يقول أيضاً : إني أحمل الكلام على الكل لأن الألف واللام في الشفع والوتر تفيد العموم، أما قوله تعالى :﴿والليل إِذَا يَسْرِ﴾ ففيه مسألتان :
المسألة الأولى :
﴿إِذَا يَسْرِ﴾ إذا يمضي كما قال :﴿والليل إِذَا أَدْبَرَ﴾ [ المدثر : ٣٣ ] وقوله :﴿والليل إِذَا عَسْعَسَ﴾ [ التكوير : ١٧ ] وسراها ومضيها وانقضاؤها أو يقال : سراها هو السير فيها، وقال قتادة :﴿إِذَا يَسْرِ﴾ أي إذا جاء وأقبل.
المسألة الثانية :
أكثر المفسرين على أنه ليس المراد منه ليلة مخصوصة بل العموم بدليل قوله :﴿والليل إِذَا أَدْبَرَ﴾ ﴿والليل إِذَا عَسْعَسَ﴾ ولأن نعمة الله بتعاقب الليل والنهار واختلاف مقاديرهما على الخلق عظيمة، فصح أن يقسم به لأن فيه تنبيهاً على أن تعاقبهما بتدبيره مدبر حكيم عالم بجميع المعلومات، وقال مقاتل : هي ليلة المزدلفة فقوله :﴿إِذَا يَسْرِ﴾ أي إذا يسار فيه كما يقال : ليل نائم لوقوع النوم فيه، وليل ساهر لوقوع السهر فيه، وهي ليلة يقع السري في أولها عند الدفع من عرفات إلى المزدلفة، وفي آخرها كما روي أنه عليه الصلاة والسلام كان يقدم ضعفة أهله في هذه الليل، وإنما يجوز ذلك عند الشافعي رحمه الله بعد نصف الليل.
المسألة الثالثة :
قال الزجاج : قرىء ﴿إِذَا يَسْرِ﴾ بإثبات الياء، ثم قال : وحذفها أحب إلي لأنها فاصلة والفواصل تحذف منها الياءات، ويدل عليها الكسرات، قال الفراء : والعرب قد تحذف الياء وتكتفي بكسرة ما قبلها، وأنشد :
كفاك كف ما يبقى درهما.. جوداً وأخرى تعط بالسيف الدما


الصفحة التالية
Icon