وقال المؤرِّج : سألت الأخفش عن العِلة في إسقاط الياء من "يَسْرِ" فقال : لا أجيبك حتى تبِيت على باب داري سنة، فبت على باب داره سنة ؛ فقال : الليل لا يَسْرِي وإنما يَسْرَى، فيه ؛ فهو مصروف، وكل ما صرفته عن جهته بَخَسْته من إعرابه ؛ ألا ترى إلى قوله تعالى :﴿ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً ﴾ [ مريم : ٢٨ ]، ولم يقل بغِية، لأنه صرفها عن باغية.
الزمخشريّ : وياء "يسرِي" تحذف في الدَّرْج، اكتفاء عنها بالكسرة، وأما في الوقف فتحذف مع الكسرة.
وهذه الأسماء كلها مجرورة بالقسم، والجواب محذوف، وهو لَيُعَذَّبُنّ ؛ يدل عليه قوله تعالى :﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ ﴾ إلى قوله تعالى :﴿ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ﴾ [ الفجر : ١٣ ].
وقال ابن الأنباريّ هو ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لبالمرصاد ﴾ [ الفجر : ١٤ ].
وقال مقاتل :"هل" هنا في موضع إنّ ؛ تقديره : إن في ذلك قسماً لذي حِجْر.
ف"هل" على هذا في موضع جواب القسم.
وقيل : هي على بابها من الاستفهام الذي معناه التقرير ؛ كقولك : ألم أُنعِم عليك ؛ إذا كنت قد أنعمت.
وقيل : المراد بذلك التأكيد لما أقسم به وأقسم عليه.
والمعنى : بل في ذلك مَقْنَع لذي حِجر.
والجواب على هذا :﴿ إِنَّ رَبَّكَ لبالمرصاد ﴾.
أو مضمر محذوف.
ومعنى ﴿ لِّذِى حِجْرٍ ﴾ أي لذي لُبّ وعقل.
قال الشاعر :
وكيفَ يرجَّى أَنْ تَتوبَ وإنَّما...
يُرَجَّى من الفِتيانِ مَنْ كان ذا حِجْر
كذا قال عامة المفسرين ؛ إلا أن أبا مالك قال :"لِذِي حِجر" : لذي سِتر من الناس.
وقال الحسن : لذي حلم.
قال الفراء : الكل يرجع إلى معنى واحد : لذي حجْر، ولذي عقل، ولذي حلم، ولذي سِتر ؛ الكل بمعنى العقل.
وأصل الحِجر : المنع.


الصفحة التالية
Icon