فلا كدر يلحقك بوجه من الوجوه أصلاً كما كنت في دار القلق والاضطراب مطمئنة ساكنة تحت القضاء والقدر سالكة سبيل الرضا إن حصل ابتلاء بالتكريم والتنعيم أو التضييق والتغريم وثوقاً بما عند الله ﴿مرضية﴾ عند الله وسائر خلقه، فلا شيء يكرهك بسبب ما كنت مطمئنة تعملين الأعمال الصالحة تحت القضاء والقدر خيره وشره حلوه ومره، ثم بيّن ما أجمل من الرجوع فقال سبحانه :﴿فادخلي﴾ أي بسبب هذا الأمر ﴿في عبادي﴾ أي في زمرة الصالحين الوافدين عليَّ، الذين هم أهل للإضافة إليَّ، أو في أجساد عبادي التي خرجت في الدنيا منها، وقراءة " عبدي " بالتوحيد للجنس الشامل للقليل والكثير تدل على ذلك ﴿وادخلي جنتي﴾ أي وهي جنة عدن وهي أعلى الجنان، قال البغوي : قال سعيد بن جبير : مات ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ بالطائف فشهدت جنازته فجاء طائر لم نر على صورة خلقه، فدخل نعشه فلم نر خارجاً منه، فلما دفن تليت هذه الآية على شفير القبر فلم ندر من تلاها، وهذا الآخر هو أولها على ما هو ظاهر المقسم عليه بالفجر من البعث المحتوم، الذي لولا هو لكان خلق الخلق من العبث المذموم، المنزه عنه الحي القيوم، فسبحان الملك الأعظم الذي هذا كلامه، علت معانيه عن طعن وشرفت أعلامه، وغر في ذروة الإعجاز تركيبه ونظامه، " وأين الثريا من يد المتناول". أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٨ صـ ٤٢٠ ـ ٤٢٤﴾


الصفحة التالية
Icon