لما استوعب ما اقتضاه المقام من الوعيد والتهديد والإِنذار ختم الكلام بالبشارة للمؤمنين الذين تذكروا بالقرآن واتَّبعوا هديه على عادة القرآن في تعقيب النذارة بالبشارة والعكس فإن ذلك مما يزيد رغبة الناس في فعل الخير ورهبتهم من أفعال الشر.
واتصالُ هذه الآية بالآيات التي قبلها في التلاوة وكتابة المصحف الأصل فيه أن تكون نزلت مع الآيات التي قبلها في نسق واحد.
وذلك يقتضي أن هذا الكلام يقال في الآخرة.
فيجوز أن يُقَال يومَ الجزاء فهو مقول قولٍ محذوف هو جواب ( إذا ) ﴿ إذا دكت الأرض ﴾ [ الفجر : ٢١ ] الآية وما بينهما مستطرد واعتراض.
فهذا قول يصدر يوم القيامة من جانب القُدُس من كلام الله تعالى أو من كلام الملائكة : فإن كان من كلام الله تعالى كان قوله :﴿ إلى ربك ﴾ إظهاراً في مقام الإِضمار بقرينة تفريع ﴿ فادخلي في عبادي ﴾ عليه.
ونكتةُ هذا الإِظهار ما في وصف ﴿ رب ﴾ من الولاء والاختصاص.
وما في إضافته إلى ضمير النفس المخاطَبة من التشريف لها.
وإن كان من قول الملائكة فلفظ ﴿ ربك ﴾ جرى على مقتضى الظاهر وعطفُ ﴿ فادخلي في عبادي ﴾ عطف تلقين يصدر من كلام الله تعالى تحقيقاً لقول الملائكة ﴿ ارجعي إلى ربك ﴾.
والرجوع إلى الله مستعار للكون في نعيم الجنة التي هي دار الكرامة عند الله بمنزلة دار المضيف قال تعالى :﴿ في مقعد صدق عند مليك مقتدر ﴾ [ القمر : ٥٥ ] بحيث شُبهت الجنة بمنزل للنفس المخاطبة لأنها استحقته بوعد الله على أعمالها الصالحة فكأنها كانت مغتربة عنه في الدنيا فقيل لها : ارجعي إليه، وهذا الرجوع خاصٌّ غير مطلق الحلول في الآخرة.
ويجوز أن تكون الآية استئنافاً ابتدائياً جرى على مناسبة ذكر عذاب الإِنسان المشرك فتكون خطاباً من الله تعالى لنفوس المؤمنين المطمئنة.