في هذه الآية على عرف كلام العرب، استعارة لهذا العمل الشاق على النفس من حيث هو بذل مال تشبيه بعقبة الجبل، وهي ما صعب منه وكان صعوداً، و﴿ اقتحم ﴾ معناه : دخلها وجاوزها بسرعة وضغط وشدة، وأما المفسرون فرأوا أن ﴿ العقبة ﴾ يراد بها جبل في جهنم، لا ينجي منه إلا هذه الأعمال ونحوها، قاله ابن عباس وقتادة، وقال الحسن :﴿ العقبة ﴾ جهنم، قال هو وقتادة فاقتحموها بطاعة الله، وفي الحديث :" إن اقتحامها للمؤمن كما بين صلاة العصر إلى العشاء " واختلف الناس في قوله ﴿ فلا ﴾ فقال جمهور المتأولين : هو تحضيض بمعنى " فألا "، وقال آخرون وهو دعاء بمعنى أنه ممن يستحق أن يدعى عليه بأن لا يفعل خيراً، وقيل هي نفي، أي " فما اقتحم "، وقال أبو عبيدة والزجاج وهذا نحو قوله تعالى :﴿ فلا صدق ولا صلى ﴾ [ القيامة : ٣١ ] فهو نفي محض كأنه قال : وهبنا له الجوارح ودللناه على السبيل فما فعل خيراً، ثم عظم الله تعالى أمر العقبة في النفوس بقوله :﴿ وما أدراك ما العقبة ﴾ ؟ ثم فسر اقتحام العقبة بقوله ﴿ فك رقبة ﴾ وذلك أن التقدير وما أدراك ما اقتحام العقبة؟ هذا على قراءة من قرأ " فكُّ رقبة " بالرفع على المصدر، وأما من قرأ " فكّ " على الفعل الماضي ونصب الرقبة، فليس يحتاج أن يقدر ﴿ وما أدراك ﴾ ما اقتحام، بل يكون التعظيم للعقبة نفسها، ويجيء " فكّ " بدلاً من ﴿ اقتحم ﴾ ومبيناً. وقرأ نافع وعاصم وابن عامر وحمزة " فك رقبة أو إطعام " وقرأ أبو عمرو " فك رقبةً " بالنصب " أو أطعم "، وقرأ بعض التابعين " فكِّ رقبة " بالخفض، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو أيضاً والكسائي " فكِّ رقبة " بالنصب " أو إطعام ". وترتيب هذه القراءات ووجوهها بينة، وفك الرقبة معناه : بالعتق من ربقة الأسر أو الرق، وفي الحديث عن النبي ﷺ :" من أعتق نسمة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منها عضواً منه من النار ". وقال أعرابي للنبي صلى الله عليه