ولما ذكر تكذيبهم، دل عليه بقوله :﴿إذ﴾ أي تحقق تكذيبهم أو طغيانهم بالفعل حين ﴿انبعث أشقاها﴾ أي أشد ثمود شقاء وهو عاقر الناقة للمشاركة في الكفر والزيادة بمباشرة العقر، وهو قدار بن سالف، أو هو ومن مالاه على عقرها، فإن أفعل التفضيل إذا أضيف صلح للواحد والجمع ﴿فقال لهم﴾ أي بسبب الانبعاث أو التكذيب الذي دل على قصدهم لها بالأذى، وأظهر ولم يضمر وعين الإظهار بالجلالة إشارة إلى عظيم آيتهم وبديع بدايتهم ونهايتهم فقال :﴿رسول الله﴾ أي الملك الذي له الأمر كله، فتعظميه من تعظيم مرسله وهو صالح عليه الصلاة والسلام وكذا الناقة، وعبر بالرسول لأن وظيفته الإبلاغ والتحذير الذي ذكر هنا، ولذا قال مشيراً بحذف العامل إلى ضيق الحال عن ذكره لعظيم الهول وسرعة التعذيب عند مسها بالأذى، وزاد في التعظيم بإعادة الجلالة :﴿ناقة الله﴾ أي الملك الأعظم الذي له الجبروت كله فلا يقر من انتهك حرمته واجترأ على ما أضافه إليه، ولهذا أعاد الإظهار دون الإضمار، والعامل : دعوا أو احذروا - أو نحو ذلك أي احذروا أذاها بكل اعتبار ﴿وسقياها﴾ أي الماء الذي جعله الله تعالى لها لسقيها وهو بئرها، فلا تذودوها عن بئرها في اليوم الذي تكون فيه نوبتها في الشرب ولا تمسوها بسوء، وكأنه ـ ﷺ ـ فهم عنهم بعد مدة أنهم يريدون عقرها فكرر عليهم التحذير ﴿فكذبوه﴾ أي أوقعوا تكذيبه بسبب طغيانهم وعقب أمره هذا الأخير فيما حذر من حلول العذاب، أو تكون الفاء هي الفصيحة أي قال لهم ذلك فكانت بعده بينه وبينهم في أمرها أمور، فأوقعوا تكذيبه فيها كلها ﴿فعقروها﴾ أي بسبب ذلك التكذيب بعضهم بالفعل وبعضهم بالرضا به ﴿فدمدم﴾ أي عذب عذاباً تاماً مجلّلاً مغطياً مطبقاً مستأصلاً شدخ به رؤوسهم وأسرع في الإجهاز وطحنهم طحناً مع الغضب الشديد ؛ قال الرازي : والدمدمة : تحريك البناء حتى ينقلب، ودل بأداة الاستعلاء على شدته وإحاطته فقال :﴿عليهم﴾


الصفحة التالية
Icon