المراد من الرسول صالح عليه السلام ﴿نَاقَةُ الله﴾ أي أنه أشار إليه لما هموا بعقرها وبلغه ما عزموا عليه، وقال لهم هي :﴿نَاقَةُ الله﴾ وآيته الدالة على توحيده وعلى نبوتي، فاحذروا أن تقوموا عليها بسوء، واحذروا أيضاً أن تمنعوها من سقياها، وقد بينا في مواضع من هذا الكتاب أنه كان لها شرب يوم ولهم ولمواشيهم شرب يوم، وكانوا يستضرون بذلك في أمر مواشيهم، فهموا بعقرها، وكان صالح عليه السلام يحذرهم حالاً بعد حال من عذاب ينزل بهم إن أقدموا على ذلك، وكانت هذه الحالة متصورة في نفوسهم، فاقتصر على أن قال لهم :﴿نَاقَةَ الله وسقياها﴾ لأن هذه الإشارة كافية مع الأمور المتقدمة التي ذكرناها.
المسألة الثانية :
﴿نَاقَةُ الله﴾ نصب على التحذير، كقولك الأسد الأسد، والصبي الصبي بإضمار ذروا عقرها واحذروا سقياها، فلا تمنعوها عنها، ولا تستأثروا بها عليها.
فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (١٤)
ثم بين تعالى أن القوم لم يمتنعوا عن تكذيب صالح، وعن عقر الناقة بسبب العذاب الذي أنذرهم الله تعالى به وهو المراد بقوله :﴿فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا﴾ ثم يجوز أن يكون المباشر للعقر واحداً وهو قدار، فيضاف الفعل إليه بالمباشرة، كما قال : فتعاطى فعقر ويضاف الفعل إلى الجماعة لرضاهم بما فعل ذلك الواحد.
قال قتادة : ذكر لنا أنه أبى أن يعقرها حتى بايعه صغيرهم وكبيرهم وذكرهم وأنثاهم، وهو قول أكثر المفسرين.
وقال الفراء : قيل إنهما كانا إثنين.
أما قوله تعالى :﴿فَدَمْدمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا﴾ فاعلم أن في الدمدمة وجوهاً أحدها : قال الزجاج : معنى دمدم أطبق عليهم العذاب، يقال : دمدمت على الشيء إذا أطبقت عليه، ويقال : ناقة مدمومة، أي قد ألبسها الشحم، فإذا كررت الإطباق قلت دمدمت عليه.


الصفحة التالية
Icon