فإنه لمابتدئت السورة بحرف الياء أتبعها بما هو من الواو لأن الألف المنقلبة عن الواو قد توافق المنقلبة عن الياء، ألا ترى أن تلوت وطحوت ونحوهما قد يجوز في أفعالها أن تنقلب إلى الياء نحو : تلى ودحى، فلما حصلت هذه الموافقة استجازوا إمالته كما استجازوا إمالة ما كان من الياء، وأما وجه من ترك الإمالة مطلقاً فهو أن كثيراً من العرب لا يميلون هذه الألفات ولا ينحون فيها نحو الياء، ويقوى ترك الإمالة للألف أن الواو في موسر منقلبة عن الياء، والياء في ميقات وميزان منقلبة عن الواو ولم يلزم من ذلك أن يحصل فيه ما يدل على ذلك الانقلاب، فكذا ههنا ينبغي أن تترك الألف غير ممالة ولا ينحى بها نحو الياء، وأما إمالة البعض وترك إمال البعض، كما فعله حمزة فحسن أيضاً، وذلك لأن الألف إنما تمال نحو الياء لتدل على الياء إذا كان انقلابها عن الياء ولم يكن في تلاها وطحاها ودحاها ألف منقلبة عن الياء إنما هي منقلبة عن الواو بدلالة تلوت ودحوت.
المسألة الرابعة :
أن الله تعالى قد أقسم بسبعة أشياء إلى قوله :﴿قَدْ أَفْلَحَ﴾ [ الشمس : ٩ ] وهو جواب القسم، قال الزجاج : المعنى لقد أفلح، لكن اللام حذفت لأن الكلام طال فصار طوله عوضاً منها.
قوله تعالى :﴿والشمس وضحاها﴾ ذكر المفسرون في ضحاها ثلاثة أقوال قال مجاهد والكلبي : ضوؤها، وقال قتادة : هو النهار كله، وهو اختيار الفراء وابن قتيبة، وقال مقاتل : هو حر الشمس، وتقرير ذلك بحسب اللغة أن نقول : قال الليث : الضحو ارتفاع النهار، والضحى فويق ذلك، والضحاء ممدوداً امتد النهار، وقرب أن ينتصف.