وقال ابن زيد : إذا غَرَبت الشمس في النصف الأول من الشهر، تلاها القمر بالطلوع، وفي آخر الشهر يتلُوها بالغروب.
الفراء :"تلاها" : أخذ منها ؛ يذهب إلى أن القمر يأخذ من ضوء الشمس.
وقال قوم :﴿ والقمر إِذَا تَلاَهَا ﴾ حين استوى واستدار، فكان مِثلَها في الضياء والنور ؛ وقاله الزجاج.
وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (٣)
كشفها.
فقال قوم : جلَّى الظلمة ؛ وإن لم يجر لها ذكر ؛ كما تقول : أضحت باردة ؛ تريد أضحت غَداتُنا باردة.
وهذا قول الفرّاء والكلبيّ وغيرهما.
وقال قوم : الضمير في "جَلاَّها" للشمس ؛ والمعنى : أنه يبين بضوئه جِرْمها.
ومنه قول قيس بن الخَطِيم :
تَجَلَّت لنا كالشمسِ تحتَ غَمامةٍ...
بدا حاجبٌ منها وضَنَّت بحاجِبِ
وقيل : جَلَّى ما في الأرض من حيوانها حتى ظهر، لاستتاره ليلاً وانتشاره نهاراً.
وقيل : جَلَّى الدنيا.
وقيل : جَلَّى الأرض ؛ وإن لم يجر لها ذكر ؛ ومثله قوله تعالى :﴿ حتى تَوَارَتْ بالحجاب ﴾ [ ص : ٣٢ ] على ما تقدّم آنفاً.
وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (٤)
أي يغشى الشمس، فَيذْهَب بضوئها عند سقوطها ؛ قاله مجاهد وغيره.
وقيل : يغشى الدنيا بالظُّلَم، فتُظلم الآفاق.
فالكناية ترجع إلى غير مذكور.
وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (٥)
أي وبنيانها.
فما مصدرية ؛ كما قال :﴿ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي ﴾ [ ياس : ٢٧ ] أي بغفران ربي ؛ قاله قتادة، واختاره المبرد.
وقيل : المعنى ومَن بناها ؛ قاله الحسن ومجاهد ؛ وهو اختيار الطبرِيّ.
أي ومن خلقها ورفعها، وهو الله تعالى.
وحُكِي عن أهل الحجاز : سُبحانَ ما سَبَّحَتْ له ؛ أي سبحان مَنْ سَبَّحت له.
وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (٦)
أي وطحوها.
وقيل : ومَنْ طحاها ؛ على ما ذكرناه آنفاً.
أي بسطها ؛ كذا قال عامة المفسرين ؛ مثل دحاها.
قال الحسن ومجاهد وغيرهما : طحاها ودحاها : واحد ؛ أي بسطها من كل جانب.