أما قوله أولاً : يلزم في غير هذا الكافر أن لا يدخل النار فجوابه : أن كل كافر لا بد وأن يكون مكذباً للنبي في دعواه، ويكون متولياً عن النظر في دلالة صدق ذلك النبي، فيصدق عليه أنه أشقى من سائر العصاة، وأنه كذب وتولى وإذا كان كل كافر داخلاً في الآية سقط ما قاله القاضي.
وأما قوله ثانياً : إن هذا إغراء بالمعصية فضعيف أيضاً، لأنه يكفي في الزجر عن المعصية حصول الذم في العاجل وحصول غضب الله بمعنى أنه لا يكرمه ولا يعظمه ولا يعطيه الثواب، ولعله يعذبه بطريق آخر، فلم يدل دليل على انحصار طريق التعذيب في إدخال النار.
وأما قوله ثالثاً :﴿وَسَيُجَنَّبُهَا الأتقى﴾ فهذا لا يدل على حال غير الأتقى إلا على سبيل المفهوم، والتمسك بدليل الخطاب وهو ينكر ذلك فكيف تمسك به ؟ والذي يؤكد هذا أن هذا يقتضي فيمن ليس بأتقى دخول النار، فيلزم في الصبيان والمجانين أن يدخلوا النار وذلك باطل.
وأما قوله رابعاً : المراد منه نار مخصوصة، وهي النار التي تتلظى فضعيف أيضاً، لأن قوله :﴿نَاراً تلظى﴾ يحتمل أن يكون ذلك صفة لكل النيران، وأن يكون صفة لنار مخصوصة، لكنه تعالى وصف كل نار جهنم بهذا الوصف في آية أخرى، فقال :﴿كَلاَّ إِنَّهَا لظى نَزَّاعَةً للشوى﴾ [ المعارج : ١٥ ].
وأما قوله : المراد إن هذا الأشقى أحق به فضعيف لأنه ترك للظاهر من غير دليل، فثبت ضعف الوجوه التي ذكرها القاضي، فإن قيل : فما الجواب عنه على قولكم، فإنكم لا تقطعون بعدم وعيد الفساق ؟ الجواب : من وجهين : الأول : ما ذكره الواحدي وهو أن معنى :﴿لاَ يصلاها﴾ لا يلزمها في حقيقة اللغة، يقال : صلى الكافر النار إذا لزمها مقاسياً شدتها وحرها، وعندنا أن هذه الملازمة لا تثبت إلا للكافر، أما الفاسق فإما أن لا يدخلها أو إن دخلها تخلص منها الثاني : أن يخص عموم هذا الظاهر بالآيات الدالة على وعيد الفساق، والله أعلم.
قوله تعالى :


الصفحة التالية
Icon