وقوله تعالى :﴿ وما خلق الذكر والأنثى ﴾ يحتمل أن تكون بمعنى الذي كما قالت العرب في سبحان ما سبح الرعد بحمده، وقال أبو عمرو وأهل مكة يقولون للرعد سبحان ما سبحت له، ويحتمل أن تكون ﴿ ما ﴾ مصدرية، وهو مذهب الزجاج. وقرأ جمهور الصحابة " وما خلق الذكر "، وقرأ علي بن أبي طالب وابن عباس وعبد الله بن مسعود وأبو الدرداء وسمعها من النبي ﷺ وعلقمة وأصحاب عبد الله :" والذكر والأنثى " وسقط عندهم ﴿ وما خلق ﴾ وذكر ثعلب أن من السلف من قرأ " وما خلق الذكرِ والأنثى " بخفض " الذكرِ " على البدل من ﴿ ما ﴾ على أن التقدير وما خلق الله وقراءة علي ومن ذكر تشهد لهذه، وقال الحسن : المراد هنا ب ﴿ الذكر والأنثى ﴾ آدم وحواء، وقال غيره عام، و" السعي " العمل، فأخبر تعالى مقسماً أن أعمال العباد شتى، أي مفترقة جداً بعضها في رضى الله وبعضها في سخطه، ثم قسم تعالى الساعين فذكر أن من أعطى وظاهر ذلك إعطاء المال، وهي أيضاً تتناول إعطاء الحق في كل شيء، قول وفعل، وكذلك البخل المذكور بعد أن يكون بالإيمان وغيره من الأقوال التي حق الشريعة أن لا يبخل بها ويروى أن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق، وذلك أنه كان يعتق ضعفة العبيد الذين أسلموا وكان ينفق في رضى رسول الله ﷺ ماله، وكان الكفار بضد ذلك، وهذا قول من قال السورة كلها مكية، قال عبد الله بن أبي أوفى : نزلت هذه السورة في أبي بكر الصديق وأبي سفيان بن حرب، وقال مقاتل : مر أبو بكر على أبي سفيان وهو يعذب بلالاً فاشتراه منه، وقال السدي : نزلت هذه الآية بسبب أبي الدحداح الأنصاري، وذلك أن نخلة لبعض المنافقين كانت مطلة على دار امرأة من المسلمين لها أيتام فكانت التمر تسقط عليهم فيأكلونه فمنعهم المنافق من ذلك، واشتد عليهم، فقال له رسول الله ﷺ :" بعنيها بنخلة في الجنة "، فقال : لا أفعل، فبلغ ذلك أبا


الصفحة التالية
Icon