﴿ وَمَا يُغْنِى عَنْهُ ﴾ أيْ ولا يُغنِي أو أيُّ شيءٍ يُغني عنْهُ ﴿ مَالَهُ ﴾ الذي يبخلُ به ﴿ إِذَا تردى ﴾ أي هلكَ تفعَّلَ من الرَّدَى الذي هو الهلاكُ أو تردَّى في الحفرةِ إذا قُبرَ أو تردَّى في قعرِ جهنمَ ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا للهدى ﴾ استئنافٌ مقررٌ لما قلَه أي إنَّ علينا بموجبِ قضائِنا المبنيِّ على الحكمِ البالغةِ حيث خلقنَا الخلقَ للعبادةِ أن نبينَ لهم طريقَ الهُدى وما يؤدِّي إليهِ من طريقِ الضلالِ وما يؤدِّي إليه وقد فعلنَا ذلكَ بما لا مزيدَ عليهِ حيثُ بيَّنا حالَ من سلكَ كلا الطريقينِ ترغيباً وترهيباً ومن هاهنا تبينَ أنَّ الهدايةَ هي الدلالةُ على ما يوصلُ إلى البغيةِ لا الدلالةُ الموصلةُ إليها قطعاً ﴿ وَإِنَّ لَنَا لَلأَخِرَةَ والأولى ﴾ أي التصرفَ الكليَّ فيهما كيفما نشاءُ فنفعلُ فيهما ما نشاءُ من الأفعالِ التي من جُملتها ما وعدنَا من التيسيرِ لليُسرى والتيسيرِ للعُسرى وقيلَ : إن لنا كلَّ ما في الدُّنيا والآخرةِ فلا يضرنا تركُكُم الاهتداءَ بهدانَا ﴿ فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تلظى ﴾ بحذفِ إحْدى التاءينِ من تتلظَّى أي تتلهبُ وقِرِىءَ على الأصلِ ﴿ لاَ يصلاها ﴾ صلياً لازماً ﴿ إِلاَّ الأشقى ﴾ إلا الكافرُ فإنَّ الفاسقَ لا يصلاهَا صلياً لازماً وقد صرَّحَ به قولُه تعالى :﴿ الذى كَذَّبَ وتولى ﴾ أي كذَّبَ بالحقِّ وأعرضَ عن الطاعةِ.


الصفحة التالية
Icon