وقال الآلوسى :
﴿ إِنَّ عَلَيْنَا للهدى ﴾
استئناف مقرر لما قبله أي إن علينا بموجب قضائنا المبني على الحكم البالغة حيث خلقنا الخلق للعبادة أي ندلهم ونرشدهم إلى الحق أو أن نبين لهم طريق الحدى وما يؤدي إليه من طريق الضلال وما يؤدي إليه وقد فعلنا ذلك بما لا مزيد عليه فلا يتم الاستدلال بالآية على الوجوب عليه عز وجل بالمعنى الذي يزعمه المعتزلة وقيل المراد أن الهدى موكول علينا لا على غيرنا كما قال سبحانه ﴿ إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ﴾ [ القصص : ٥٦ ] وليس المعنى أن الهدى يجب علينا حتى يكون بظاهره دليلاً على وجوب الأصلح عليه تعالى عن ذلك علواً كثيراً وفيه أن تعلق الجار بالكون الخاص أعني موكولاً خلاف الظاهر ومثله ما قيل أن المراد ثم أن علينا طريقة الهدى على معنى أن من سلك الطريقة المبينة بالهدى والإرشاد إليها يصل إلينا كما قيل في قوله تعالى ﴿ وعلى الله قصد السبيل أي من سلك السبيل ﴾ [ النحل : ٩ ] القصد أي المستقيم وصل إليه سبحانه :
وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى (١٣)
أي التصرف الكلي فيهما كيفما نشاء فنفعل فيهما ما نشاء من الأفعال التي من جملتها ما ذكرنا فيمن أعطى وفيمن بخل أو أن لنا ذلك فنثيب من اهتدى وأنجع فيه هدانا أوان لنا كل ما في الدارين فلا يضرنا ترككم الاهتداء وعدم انتفاعكم بهدانا أو فلا ينفعنا اهتداؤكم كما لا يضرنا ضلالكم فمن اهتدى ﴿ فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ﴾ [ يونس : ١٠٨ ].
﴿ فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تلظى ﴾ قيل متفرع على كون الهدى عليه سبحانه أي فهديتكم بالإنذار وبالغت في هدايتكم وتلظى بمعنى تلتهب وأصله تتلظى بتاءين فحذفت منه إحداهما وقد قرأ بذلك ابن الزبير وزيد بن علي وطلحة وسفيان بن عيينة وعبيد بن عمير.
لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (١٥)
المراد به الكافر فإنه أشقى من الفاسق ويفصح بذلك وصفه بقوله تعالى :


الصفحة التالية
Icon