وقال أبو حيان :
سورة اللَّيْلِ
﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (١) ﴾
لما ذكر فيما قبلها ﴿ قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ﴾ ذكر هنا من الأوصاف ما يحصل به الفلاح وما تحصل به الخيبة، ثم حذر النار وذكر من يصلاها ومن يتجنبها، ومفعول يغشى محذوف، فاحتمل أن يكون النهار، كقوله :﴿ يغشي الليل النهار ﴾ وأن يكون الشمس، كقوله :﴿ والليل إذا يغشاها ﴾ وقيل : الأرض وجميع ما فيها بظلامه.
وتجلى : انكشف وظهر، إما بزوال ظلمة الليل، وإما بنور الشمس.
أقسم بالليل الذي فيه كل حيوان يأوي إلى مأواه، وبالنهار الذي تنتشر فيه.
وقال الشاعر :
يجلي السرى من وجهه عن صفيحة...
على السير مشراق كثير شحومها
وقرأ الجمهور :﴿ تجلى ﴾ فعلاً ماضياً، فاعله ضمير النهار.
وقرأ عبد الله بن عبيد بن عمير : تتجلى بتاءين، يعني الشمس.
وقرىء : تجلى بضم التاء وسكون الجيم، أي الشمس.
﴿ وما خلق ﴾ : ما مصدرية أو بمعنى الذي، والظاهر عموم الذكر والأنثى.
وقيل : من بني آدم فقط لاختصاصهم بولاية الله تعالى وطاعته.
وقال ابن عباس والكلبي والحسن : هما آدم وحواء.
والثابت في مصاحف الأمصار والمتواتر ﴿ وما خلق الذكر والأنثى ﴾، وما ثبت في الحديث من قراءة.
والذكر والأنثى : نقل آخاد مخالف للسواد، فلا يعد قرآناً.
وذكر ثعلب أن من السلف من قرأ : وما خلق الذكر، بجر الذكر، وذكرها الزمخشري عن الكسائي، وقد خرجوه على البدل من على تقدير : والذي خلق الله، وقد يخرج على توهم المصدر، أي وخلق الذكر والأنثى، كما قال الشاعر :
تطوف العفاة بأبوابه...
كما طاف بالبيعة الراهب
بجر الراهب على توهم النطق بالمصدر، رأى كطواف الراهب بالبيعة.
﴿ إن سعيكم ﴾ : أي مساعيكم، ﴿ لشتى ﴾ : لمتفرقة مختلفة، ثم فصل هذا السعي.


الصفحة التالية
Icon