وقال الزمخشري : فسنخذله ونمنعه الألطاف حتى تكون الطاعة أعسر شيء عليه وأشد كقوله :﴿ يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء ﴾ إذ سمى طريقة الخير باليسرى لأن عاقبتها اليسر، وطريقة الشر العسرى لأن عاقبتها العسر، أو أراد بهما طريقي الجنة والنار، أي فسنهديهما في الآخرة للطريقين.
انتهى، وفي أول كلامه دسيسة الاعتزال.
وجاء ﴿ فسنيسره للعسرى ﴾ على سبيل المقابلة لقوله :﴿ فسنيسره لليسرى ﴾، والعسرى لا تيسير فيها، وقد يراد بالتيسير التهيئة، وذلك يكون في اليسرى والعسرى.
﴿ وما يغني ﴾ : يجوز أن تكون ما نافية واستفهامية، أي : وأي شيء يغني عنه ماله؟ ﴿ إذا تردى ﴾ : تفعل من الرّدى، أي هلك، قاله مجاهد، وقال قتادة وأبو صالح : تردى في جهنم : أي سقط من حافاتها.
وقال قوم : تردى بأكفانه، من الردى، وقال مالك بن الذئب :
وخطا بأطراف الأسنة مضجعي...
ورداً على عينيّ فضل ردائيا
وقال آخر :
نصيبك مما تجمع الدهر كله...
رداآن تلوي فيهما وحنوط
﴿ إن علينا للهدى ﴾ : التعريف بالسبيل ومنحهم الإدراك، كما قال تعالى :﴿ وعلَى الله قصد السبيل ﴾ وقال الزمخشري : إن الإرشاد إلى الحق واجب علينا بنصب الدلائل وبيان الشرائع.
﴿ وإن لنا للآخرة والأولى ﴾ : أي ثواب الدارين، لقوله تعالى :﴿ وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين ﴾ وقرأ ابن الزبير وزيد بن عليّ وطلحة وسفيان بن عيينة وعبيد بن عمير : تتلظى بتاءين، والبزي بتاء مشدّدة، والجمهور : بتاء واحدة.
وقال الزمخشري : الآية واردة في الموازنة بين حالتي عظيم من المشركين وعظيم من المؤمنين، فأريد أن يبالغ في صفتيهما المتناقضتين، فقيل :﴿ الأشقى ﴾، وجعل مختصاً بالصلى، كأن النار لم تخلق إلا له.
وقال :﴿ الأتقى ﴾، وجعل مختصاً بالنجاة وكأن الجنة لم تخلق إلا له.
وقيل : هما أبو جهل، أو أمية بن خلف وأبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه.


الصفحة التالية
Icon