قال الرازيّ : ويقرب من هذه قوله :﴿ لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ ﴾ [ الحشر : ٢٠ ]، وقوله :﴿ أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ ﴾ [ السجدة : ١٨ ]، وقوله :﴿ أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [ الجاثية : ٢١ ].
وقوله تعالى :﴿ فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى ﴾ تفصيل لتلك المساعي الشتى، وتبيين لمآلها ما تقدم.
قال الرازيّ : وفي ﴿ أَعْطَى ﴾ وجهان :
أحدهما : أن يكون المراد إنفاق المال في جميع وجوه الخير من عتق الرقاب، وفك الأسارى وتقوية المسلمين على عدوّهم، كما كان يفعله أبو بكر، سواء كان ذلك واجباً أو نفلاً وإطلاق هذا كالإطلاق في قوله :﴿ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ﴾ [ البقرة : ٣ ]، فإن المراد منه كل ما كان إنفاقاً في سبيل الله، سواء كان واجباً أو نفلاً. وقد مدح الله قوماً فقال :
﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ﴾ [ الْإِنْسَاْن : ٨ ]، وقال في آخر هذه السورة ﴿ وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَ ى *الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى ﴾ [ الليل : ١٧ - ١٨ ] الآية.
وثانيهما : أن قوله :﴿ أَعْطَى ﴾ يتناول إعطاء حقوق المال، وإعطاء حقوق النفس في طاعة الله تعالى. يقال : فلان أعطى الطاعة وأعطى السعة. انتهى.
إلا أن الأول هو المناسب للإعطاء ؛ لأن المعروف فيه تعلقه بالمال خصوصاً وقد وقع في مقابلة ذكر البخل والمال ﴿ وَاتَّقَى ﴾ أي : ربه فاجتنب محارمه.


الصفحة التالية
Icon