وقال الشيخ سيد قطب :
سورة الليل
وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (١)
سورة الليل
التعريف بسورة الليل
في إطار من مشاهد الكون وطبيعة الإنسان تقرر السورة حقيقة العمل والجزاء. ولما كانت هذه الحقيقة منوعة المظاهر:(إن سعيكم لشتى. فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى. وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى).. وكانت العاقبة كذلك في الآخرة مختلفة وفق العمل والوجهة:(فأنذرتكم نارا تلظى. لا يصلاها إلا الأشقى. الذي كذب وتولى. وسيجنبها الأتقى، الذي يؤتي ماله يتزكى..).
لما كانت مظاهر هذه الحقيقة ذات لونين، وذات اتجاهين.. كذلك كان الإطار المختار لها في مطلع السورة ذا لونين في الكون وفي النفس سواء:(والليل إذا يغشى. والنهار إذا تجلى)..(وما خلق الذكر والأنثى).. وهذا من بدائع التناسق في التعبير القرآني.
الدرس الأول: ١ - ٣ القسم بالليل والنهار والذكر والأنثى
(والليل إذا يغشى. والنهار إذا تجلى.. وما خلق الذكر والأنثى)...
وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (٢) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى (٣)
يقسم الله - سبحانه - بهاتين الآيتين: الليل والنهار. مع صفة كل منهما الصفة المصورة للمشهد. (والليل إذا يغشى)..(والنهار إذا تجلى).. الليل حين يغشى البسيطة، ويغمرها ويخفيها. والنهار حين يتجلى ويظهر، فيظهر في تجليه كل شيء ويسفر. وهما آنان متقابلان في دورة الفلك، ومتقابلان في الصورة، ومتقابلان في الخصائص، ومتقابلان في الآثار.. كذلك يقسم بخلقه الأنواع جنسين متقابلين:(وما خلق الذكر والأنثى).. تكملة لظواهر التقابل في جو السورة وحقائقها جميعا.


الصفحة التالية
Icon