قوله :﴿ إِنَّ سَعْيَكُمْ ﴾ : هذا جوابُ القسمِ. ويجوزُ أَنْ يكونَ محذوفاً، كما قيلَ في نظائرِه المتقدمةِ.
فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥)
قوله :﴿ أعطى ﴾ : حَذَفَ مفعولَيْ " أعطى " ومفعولَ " اتقى " ومفعولَ " صَدَّقَ " المجرور ب " على " ؛ لأنَّ الغرضَ ذِكْرُ هذه الأحداثِ دونَ متعلَّقاتها، وكذلك مُتَعَلَّقا البخل والاستغناءِ. وقوله :﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ للعسرى ﴾ إمَّا من بابِ المقابلةِ لقولِه :﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لليسرى ﴾، وإمَّا لأنَّ نيسِّره بمعنى نُهَيِّئُه، والتهيئةُ تكونُ في اليُسْر والعُسْر.
وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (١١)
قوله :﴿ وَمَا يُغْنِي ﴾ : يجوز أَنْ تكونَ " ما " نفياً، وأَنْ تكونَ استفهاماً إنكارياً.
قوله :﴿ تردى ﴾ إمَّا من الهلاكِ، أو مِنْ تردى بأكفانِه، وهو كنايةٌ عن الموت كقولِه :

٤٥٨٥ وخُطَّا بأَطْرافِ الأسِنَّةِ مَضْجَعي ورُدَّا على عَيْنَيَّ فَضْلَ رِدائيا
وقول الآخر :
٤٥٨٦ نَصيبُك مِمَّا تَجْمَعُ الدهرَ كلَّه رِداءان تلوى فيهما وحَنُوطُ
فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (١٤)
قوله :﴿ نَاراً تلظى ﴾ : قد تقدَّم في البقرة أن البزيَّ يُشَدِّد مثلَ التاء، والتشديدُ فيها عَسِرٌ لالتقاءِ الساكنين فيها على غير حَدِّهما، وهو نظيرُ قولِه :﴿ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ ﴾ [ النور : ١٥ ] وقد تقدَّم. وقال أبو البقاء : يُقرأ بكسر التنوين وتشديد التاءِ، وقد ذُكِرَ وَجْهُه عند ﴿ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الخبيث ﴾ [ البقرة : ٢٦٧ ] انتهى. وهذه قراءةٌ غريبةٌ، ولكنها موافقةٌ للقياس من حيث إنه لم يلتقِ فيها ساكنان. وقوله :" وقد ذُكِر وجهُه الذي قاله في البقرة لا يُفيد هنا شيئاً البتة، فإنه قال هناك :" ويُقْرأُ بتشديدِ التاءِ، وقبلَه ألفٌ، وهو جْمعٌ بين ساكنَيْن، وإنما سَوَّغَ ذلك المدُّ الذي في الألفِ ".


الصفحة التالية
Icon