وطائفة ثالثة قالوا: الفقر والتصوف شيء واحد وهؤلاء هم أهل الشام ولا يستقيم الحكم بين هؤلاء وهؤلاء حتى تتبين حقيقة الفقر والتصوف وحينئذ يعلم: هل هما حقيقة واحدة أو حقيقتان ويعلم راجحهما من مرجوحهما وسترى ذلك مبينا إن شاء الله في منزلتي الفقر والتصوف إذا انتهينا إليهما إن ساعد الله ومن بفضله وتوفيقه فلا حول ولا قوة إلا بالله وبه المستعان وعليه التكلان وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن والمقصود: أن المراتب عندهم ثلاثة: مرتبة التقوى وهي مرتبة التعبد والتنسك ومرتبة التصوف وهي مرتبة التفتي بكل خلق حسن والخروج من كل خلق ذميم ومرتبة الفقر وهي مرتبة التجرد وقطع كل علاقة تحول بين القلب وبين الله تعالى فهذه مراتب طلاب الآخرة ومن عداهم: فمع القاعدين المتخلفين فأشار أبو القاسم الجنيد إلى أن المريد لله بصدق إذا أراد الله به خيرا: أوقعه على طائفة الصوفية يهذبون أخلاقه ويدلونه على تزكية نفسه وإزالة أخلاقها الذميمة والاستبدال بالأخلاق الحميدة ويعرفونه منازل الطريق ومفازاتها وقواطعها وآفاتها وأما القراء: فيدقونه بالعبادة من الصوم والصلاة دقا ولا يذيقونه شيئا من حلاوة أعمال القلوب وتهذيب النفوس إذ ليس ذلك طريقهم ولهذا بينهم وبين أرباب التصوف نوع تنافر كما تقدم


الصفحة التالية
Icon