من بديع ما في كتاب اللّه عز وجل تناسقه وانسجامه بصورة رائعة متناهية في الروعة والجمال، ومن أمثلة ذلك ما ورد في هذه السورة الكريمة، حيث تناسق إطار السورة مع مضمونها، فجاء الإطار متناسقا متوافقا مع معاني السورة وأفكارها، فالسورة تفتتح بقوله تعالى (وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى. وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى) فهما صورتان متعاكستان : صورة الليل عند ما يستر بظلامه، وصورة النهار عند ما يتجلى وينكشف لذي عينين لذا فقد جاء موضوع السورة متناسقا منسجما مع هذا المطلع الرائع، فقوله تعالى :(فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى ) فإنها توافق صورة النهار بضيائه وإشراقه وجماله، وأما قوله تعالى :(وَ أَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى ) فتوافق صورة الليل بظلامه وسواده، ومن هنا نلاحظ أسرار كتاب اللّه عز وجل التي لا تنفد أبدا، كما نلاحظ الروابط التي تمسك بآياته بحالة من التآلف البديع والانسجام الرائع.
[سورة الليل (٩٢) : الآيات ٥ إلى ١١]
فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى (٩)
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى (١٠) وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى (١١)
الإعراب :
(الفاء) استئنافيّة (أمّا) حرف شرط وتفصيل (من) موصول في محلّ رفع مبتدأ (الواو) عاطفة في الموضعين (بالحسنى) متعلّق بـ (صدّق)، (الفاء) رابطة لجواب أمّا (السين) للاستقبال (لليسرى) متعلّق بـ (نيسّر).
جملة :" من أعطى... " لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة :" أعطى... " لا محلّ لها صلة الموصول (من).
وجملة :" اتّقى... " لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة :" صدّق... " لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.


الصفحة التالية
Icon