الرابعة : قال الفراء : يقول القائل : كيف قال :"فسنيسره للعسرى"؟ وهل في العسرى تيسير؟ فيقال في الجواب : هذا في إجازته بمنزلة قوله عز وجل :﴿ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [ آل عمران : ٢١ ]، والبِشارة في الأصل على المفرح والسارّ، فإذا جمع في كلامين هذا خير وهذا شر، جاءت البشارة فيهما.
وكذلك التيسير في الأصل على المفرح، فإذا جمع في كلامين هذا خير وهذا شر، جاء التيسير فيهما جميعاً.
قال الفراء : وقوله تعالى :﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ ﴾ : سنهيئه.
والعرب تقول : قد يَسَّرَتِ الغنم : إذا ولدت أو تهيأت للولادة.
قال :
هما سيدانا يزعمان وإنما...
يَسُودانِنا أن يَسَّرتْ غَنماهما
قوله تعالى :﴿ وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تردى ﴾ أي مات.
يقال : رَدِيَ الرجُل يَرْدَى رَدًى : إذا هلك.
قال :
صرفت الهوى عنهنّ من خشية الردى...
وقال أبو صالح وزيد بن أسلم :"إذا تردى" : سقط في جهنم ؛ ومنه المتردّية.
ويقال : رَدِي في البئر وتردى : إذا سقط في بئر، أو تهوّر من جبل.
يقال : ما أدري أين رَدِيَ؟ أي أين ذهب.
و"ما" : يحتمل أن تكون جحداً ؛ أي ولا يغني عنه ماله شيئاً ؛ ويحتمل أن تكون استفهاماً معناه التوبيخ ؛ أي أيّ شيء يغني عنه إذا هلك ووقع في جهنم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٢٠ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon