إذا يغشى إلى قوله سبحانه ﴿ أن سعيكم لشتى ﴾ [ الليل : ١-٤ ] وكذا على القول بأنها نزلت في أبي الدحداح ولما كان الإيمان أمراً معتنى به في نفسه أخر عن الاتقاء ليكون ذكره بعده من باب ذكر الخاص بعد العام مع ما في ذلك من رعاية الفاصلة وقيل المراد أعطي الطاعة واتتقي المعصية وصدق بالكلمة الدالة على الحق ككلمة الوتحيد وفيه أن المعروف في الإعطاء تعلقه بالمال خصوصاً وقد وقع في مقابلة ذكر البخل والمال وأمر تأخير الإيمان عليه بحاله وقيل آخر لأن من جملة إعطاء الطاعة الإصغاء لتعلم كلمة التوحيد التي لا يتم الإيمان إلا بها ومن جملة الاتقاء الاتقاء عن الإشراك وهما مقدمان على ذلك وليس بشيء.
﴿ فَسَنُيَسّرُهُ لليسرى ﴾ فسنهيئه للخصلة التي تؤدي إلى يسر وراحة كدخول الجنة ومباديه من يسر الفرس للركوب إذا أسرجها وألجمها ووصفها باليسرى إما على الاستعارة المصرحة أو المجاز المرسل أو التجوز في الإسناد.
﴿ وَأَمَّا مَنْ يَخْلُ ﴾ بما له فلم يبذله في سبيل الخير وقيل أي بخل بفعل ما أمر به وفيه ما فيه ﴿ واستغنى ﴾ أي وزهد فيما عنده عز وجل كأنه مستغن عنه سبحانه فلم يتقه جل وعلا أو استغنى بشهوات الدنيا عن نعيم العقبى لأنه في مقابلة ﴿ واتقى ﴾ كما أن قوله تعالى :
وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩)
في مقابلة ﴿ وصدق بالحسنى ﴾ [ الليل : ٦ ] والمراد بالحسنى فيه ما مر في الأقوال قبل.


الصفحة التالية
Icon