(وَالضُّحى. وَاللَّيْلِ إِذا سَجى. ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى ) أقسم سبحانه لرسوله بآيتين عظيمتين من آياته فى الكون ضحى النهار وصدره والليل وظلامه - إنه ما تركك وما أبغضك كما يقال لك وما تتوهم فى نفسك.
ثم ذكر له ما يثلج صدره، وما فيه كمال الطمأنينة والبشرى فقال :
(وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى ) أي وإن أحوالك فى مستأنف حياتك خير لك مما مضى منها، وأن كل يوم ستزداد عزّ، إلى عزّ، وسيرتفع شأنك كل يوم عما قبله، وسأمنحك كل آن جلالا فوق جلالك، ورفعة فوق رفعتك وكأنه يقول له لا تظنّن أنى كرهتك أو تركتك، بل أنت عندى اليوم أشد تمكينا وأقرب اتصالا.
ولقد صدق اللّه وعده، فما زال يسمو بنبيه، ويرفع درجته يوما بعد يوم حتى بلغ الغاية التي لم يبلغها أحد قبله، فجعله رسول الرحمة والهداية والنور إلى جميع خلقه،
وجعل محبته من محبة اللّه، واتباعه والاقتداء به سببا للفوز العظيم بنعيمه، وجعله وأمته شهداء على الناس جميعا، ونشر دينه، وبلّغ دعوته إلى أطراف المعمورة، فأى فضل فوق ذلك الفضل ؟ وأي نعمة أضفى من هذه النعمة ؟ وأي إكرام فوق هذا الإكرام ؟ وذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء.
ثم زاده فى البشرى فقال :
(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى ) أي ولسوف يظاهر ربك عليك نعمه، ويوالى عليك مننه، ومنها توارد الوحى عليك بما فيه إرشادك وإرشاد قومك إلى ما فيه سعادتهم فى الدنيا والآخرة، وسيظهر دينك على الأديان كلها، وتعلو كلمتك ويرتفع شأنك على شئون الناس جميعا. أ هـ ﴿تفسير المراغى حـ ١ صـ ١٨٢ ـ ١٨٤﴾


الصفحة التالية
Icon