السؤال الأول : ما الحكمة في أنه تعالى اختار له اليتم ؟ قلنا فيه وجوه أحدها : أن يعرف قدر اليتامى فيقوم بحقهم وصلاح أمرهم، ومن ذلك كان يوسف عليه السلام لا يشبع.
فقيل له في ذلك : فقال أخاف أن أشبع فأنسى الجياع وثانيها : ليكون اليتيم مشاركاً له في الاسم فيكرم لأجل ذلك، ومن ذلك قال عليه السلام :" إذا سميتم الولد محمداً فأكرموه، ووسعوا له في المجلس "
وثالثها : أن من كان له أب أو أم كان اعتماده عليهما، فسلب عنه الولدان حتى لا يعتمد من أول صباه إلى آخر عمره على أحد سوى الله، فيصير في طفوليته متشبهاً بإبراهيم عليه السلام في قوله : حسبي من سؤالي، علمه بحالي، وكجواب مريم :﴿أنى لَكِ هذا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ الله﴾ [ آل عمران : ٣٧ ].
ورابعها : أن العادة جارية بأن اليتيم لا تخفى عيوبه بل تظهر، وربما زادوا على الموجود فاختار تعالى له اليتيم، ليتأمل كل أحد في أحواله، ثم لا يجدوا عليه عيباً فيتفقون على نزاهته، فإذا اختاره الله للرسالة لم يجدوا عليه مطعناً وخامسها : جعله يتيماً ليعلم كل أحد أن فضيلته من الله ابتداء لأن الذي له أب، فإن أباه يسعى في تعليمه وتأديبه وسادسها : أن اليتم والفقر نقص في حق الخلق، فلما صار محمد عليه الصلاة والسلام، مع هذين الوصفين أكرم الخلق، كان ذلك قلباً للعادة، فكان من جنس المعجزات.
السؤال الثاني : ما الحكمة في أن الله ذكر هذه الأشياء ؟ الجواب : الحكمة أن لا ينسى نفسه فيقع في العجب.
السؤال الثالث : روي عن رسول الله ﷺ أنه قال :" سألت ربي مسألة وددت أني لم أسألها، قلت : اتخذت إبراهيم خليلاً، وكلمت موسى تكليماً، وسخرت مع داود الجبال، وأعطيت سليمان كذا وكذا، وأعطيت فلاناً كذا وكذا، فقال : ألم أجدك يتيماً فآويتك ؟ ألم أجدك ضالاًّ فهديتك ؟ ألم أجدك عائلاً فأغنيتك ؟ قلت : بلى.


الصفحة التالية
Icon