وأعال : كثر عياله، وعال : افتقر، ومنه قول الله تعالى :﴿ وإن خفتم عيلة ﴾ [ التوبة : ٢٨ ] وقوله تعالى :﴿ فأغنى ﴾ قال مقاتل معناه رضاك بما أعطاك من الرزق، وقيل فقيراً إليه فأغناك به، والجمهور على أنه فقر المال وغناه، والمعنى في النبي ﷺ أنه أغني بالقناعة والصبر وحببا إليه فقر الحال وغناه، وقيل أغني بالكفاف لتصرفه في مال خديجة ولم يكن النبي ﷺ قط كثير المال ورفعه الله عن ذلك، وقال :" ليس الغنى عن كثرة العرض ولكنه غنى النفس ". وكما عدد الله عليه هذه النعم الثلاث وصاه بثلاث وصايا في كل نعمة وصية مناسبة لها، فبإزاء قوله ﴿ ألم يجدك يتيماً فآوى ﴾ قوله ﴿ فأما اليتيم فلا تقهر ﴾، وبإزاء قوله ﴿ ووجدك ضالاً فهدى ﴾ قوله ﴿ وأما السائل فلا تنهر ﴾، هذا عليه قول من قال إن ﴿ السائل ﴾ هنا هو السائل عن العلم والدين وليس بسائل المال، وهو قول أبي الدرداء والحسن وغيره، وبإزاء قوله ﴿ ووجدك عائلاً فأغنى ﴾ قوله ﴿ وأما بنعمة ربك فحدث ﴾ ومن قال إن ﴿ السائل ﴾ هو سائل المحتاج وهو قول الفراء عن جماعة، ومعنى ﴿ فلا تنهر ﴾ جعلها بإزاء قوله ﴿ ووجدك عائلاً فأغنى ﴾، وجعل قوله ﴿ وأما بنعمة ربك فحدث ﴾ بإزاء قوله ﴿ ووجدك ضالاً فهدى ﴾، وقال إبراهيم بن أدهم نعم القول السؤال يجملون زادنا إلى الآخرة، ﴿ فلا تنهر ﴾ معناه : فرد رداً جميلاً إما بعطاء وإما بقول حسن، وفي مصحف ابن مسعود " ووجدك عديماً فأغنى "، وقرأ ابن مسعود والشعبي وإبراهيم التيمي، " فأما اليتيم فلا تكهر " بالكاف، قال الأخفش هي بمعنى القهر، ومنه قول الأعرابي : وقاكم الله سطوة القادر وملكة الكاهر، وقال أبو حاتم لا أظنها بمعنى القهر لأنه قد قال الأعرابي الذي بال في المسجد : فأكهرني النبي ﷺ فإنها هي بمعنى الإشهار وأمره الله تعالى بالتحدث بالنعمة، فقال مجاهد والكسائي : معناه : بث القرآن