وقال ملا حويش :
تفسير سورة الضحى
عدد ١١ - ٩٣
نزلت بمكة بعد سورة الفجر على أثر انقطاع الوحي أياما، وهي احدى عشرة آية ومثلها في عدد الآي القارعة والعاديات والجمعة والمنافقون، وهي أربعون كلمة، ومائتان وسبعون حرفا، لا يوجد في القرآن سورة مبدوءة أو مختومة بما بدئت وختمت به، لا ناسخ ولا منسوخ فيها.
"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ"
قال تعالى "وَالضُّحى ١" هو الوقت المعلوم من النهار أقسم اللّه به لأنه من الأوقات المباركة وفيه صلاة مسنونة وفيه كلّم اللّه موسى وفيه سجد سحرة فرعون للّه حينما ظهرت لهم آية العصا اعترافا بأنها معجزة وليست بسحر كما يقوله من غضب اللّه عليه "وَاللَّيْلِ إِذا سَجى ٢" سكن الناس فيه قال الأعشى الشاعر المعروف :
وما ذنبنا ان جاش بحر ابن عمكم وبحرك ساج لا يواري الدعا صما
أي ساكن، والد عاصم كثيب الرمل، وسجّى بالتشديد بمعنى غطّى وجواب القسم "ما وَدَّعَكَ" ما تركك "رَبُّكَ" منذ اختارك نبيا لخلقه واصطفاك حبيبا لنفسه كما رعاك بعنايته في الأزل وفي عالم الذر وحينما كنت نطفة في المستقر والمستودع.
والتوديع مبالغة في الوداع لأن من ودعك فقد بالغ في تركك "وَما قَلى ٣" وما أبغضك منذ أحبك واجتباك ولذلك قال ما ودعك لأن الوداع انما يكون بين الأحباب ومن تقر مفارقته قال المتنبي :
حشاشة نفس ودّعت يوم ودعوا فلم أدر أي الظاعنين أودع
مطلب نزول هذه السورة وبشارة اللّه اليه :
أما الترك فلا يختص بالمحين وهذا من لطائف القسم، انه أقسم على انعامه على رسوله وإكرامه له، وهو يتضمن أيضا لتصديقه له على صحة نبوته وعلى جزائه في الآخرة بالحسنى، وقسم أيضا على النبوة والمعاد، وتقدم في بحث فترة الوحي سبب نزول هذه السورة فراجعه في أوائل سورة المدثر.


الصفحة التالية
Icon