وروى مسلم عن عبد اللّه بن عمر بن العاص أن رسول اللّه قال قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه اللّه بما آتاه.
وما قيل أغناه بمال خديجة غير سديد لإن مال الزوجة لا يستوجب عده من قبل اللّه نعمة أما كونها وبنيها من عياله وبهم صار ذا عيال فنعم وما قاله بعض المفسرين بما أفاء عليك من الغنائم لا صحة له، إذ لا يوجد في مكة غنائم وانما كانت الغنائم والحروب في المدينة وهذ السورة مكية ولكنه صلى اللّه عليه وسلم جبل منذ كان في مهده بإلهام من ربه على القناعة وفيه قيل :
في المهد يعرب عن سعادة جده أثر النجابة ساطع البرهان
ثم طفق بوصيه بقوله "فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ ٩" لا تذله ولا تظلمه ولا تحقره ولا تعمل به عملا يوجب انزعاجه، وهذا لا يتصور من حضرة الرسول وانما نهاه ليتجنب الناس ظلم اليتيم على حد إياك اعني واسمعي يا جارة، وذلك لان قومه كانوا لا يورثون اليتيم ويغلبونه على ماله ويهضمون حقه روى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد قال قال صلى اللّه عليه وسلم أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما.
وروى البغوي عن أبي هريرة قال قال عليه الصلاة والسلام خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن اليه وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء اليه ثم قال أنا وكافل اليتيم هكذا ويشير بأصبعيه.
مطلب عدم رد السائل واللطف باليتيم :
"وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ ١٠" لا تزجره إذا سأل ولا ترده إذا طلب ولا تمنعه إذا أراد من فضلك وابذل اليه مما عندك ولو قليلا ولا تردّ وجهه فيرجع صفر اليدين وإذا لم تجد ما تعطيه فرده بكلمة طيبة ردا جميلا من غير تقطب وجه قال ابراهيم بن أدهم، نعم القوم السؤّال يحملون زادنا إلى الآخرة.
وقال ابراهيم
النخعي، السائل بريدنا إلى الآخرة يجيء إلى باب أحدكم فيقول أتوجهون إلى أهلكم أي موتاكم شيئا، قال جرير :


الصفحة التالية
Icon