" وجدت فالزم " وقال مثله للصديق، وقال تعالى :﴿لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة﴾ [ يونس : ٦٤ ] ﴿إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة﴾ [ فصلت : ٣٠ ] فلم يبق في حق هؤلاء ذلك الإبهام، ولا كدر خواطرهم بتكاثف ذلك الإظلام، بما منحهم سبحانه وتعالى من نعمة الإحسان بما وعدهم في قوله :﴿يجعل لكم فرقاناً﴾ [ الأنفال : ٢٩ ] و ﴿يجعل لكم نوراً تمشون به﴾ [ الحديد : ٢٨ ] ﴿أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها﴾ [ الأنعام : ١٢٢ ] فعمل هؤلاء على بصيرة، واستولوا اجتهاداً بتوفيق ربهم على أعمال جليلة خطيرة، فقطعوا عن الدنيا الآمال، وتأهبوا لآخرتهم بأوضح الأعمال ﴿تتجافى جنوبهم عن المضاجع﴾ [ السجدة : ١٦ ] ﴿فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين﴾ [ السجدة : ١٧ ] فلابتداء الأمر وشدة الإبهام والإظلام أشار قوله سبحانه وتعالى :﴿والليل إذا يغشى﴾ ولما يؤول إليه الحال في حق من كتب في قلبه الإيمان وأيده بروح منه أشار قوله سبحانه وتعالى :﴿والنهار إذا تجلى﴾ ولانحصار السبل وإن تشعبت في طريقي ﴿فمنكم كافر ومنكم مؤمن﴾ [ التغابن : ٢ ] ﴿فريق في الجنة وفريق في السعير﴾ [ الشورى : ٧ ] أشار قوله سبحانه وتعالى :﴿وما خلق الذكر والأنثى﴾ [ الليل : ٣ ] ﴿ومن كل شيء خلقنا زوجين﴾ [ الذاريات : ٤٩ ] ﴿ففروا إلى الله﴾ [ الذاريات : ٥٠ ] الواحد مطلقاً، فقد وضح لك إن شاء الله بعض ما يسر من تخصيص هذا القسم - والله أعلم، أما سورة الضحى فلا إشكال في مناسبة في استفتاح القسم بالضحى لما يسره به سبحانه لا سيما إذا اعتبر ما ذكر من سبب نزول السورة، وأنه ـ ﷺ ـ كان قد فتر عنه الوحي حتى قال بعض الكفار : قلى محمداً ربه، فنزلت السورة مشعرة عن