فيه لأن في حال النزول حصل الاستئناس وفي زمان الاحتباس حصل الاستيحاش أو الضحى نور علمه تعالى الذي يعرف المستور من الغيوب والليل عفوه تعالى الذي به يستر جميع العيوب أو الضحى إقبال الإسلام بعد أن كان غريباً والليل إشارة إلى أنه سيعود غريباً أو الضحى كمال العقل والليل حال الموت أو الضحى علانيته عليه الصلاة والسلام التي لا يرى الخلق عليها عيباً والليل سره ﷺ لا يعلم عالم الغيب عليها عيباً انتهى ولا يخفى أنه ليس من التفسير في شيء وباب التأويل والإشارة يدخل فيه أكثر من ذلك وتقديم الضحى على الليل بناء على ما قلنا أولاً لرعاية شرفه لما فيه من ظهور زيادة النور وللنور شرف ذاتي على الظلمة لكونه وجودياً أو لكثرة منافعه أو لمناسبته لعالم الملائكة فإنها نورانية وتقديم الليل في السورة السابقة لما فيه من الظلمة التي هي لعدميتها أصل للنور الحادث بإزالتها لأسباب حادثة وقيل تقديمه هناك لأن السورة في أبي بكر وهو قد سبقه كفر وتقديم الضحى هنا لأن السورة في رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو ﷺ لم يسبقه ذلك وتخصيصه تعالى الوقتين بالأقسام قيل ليشير سبحانه بحالهما إلى حال ما وقع له عليه الصلاة والسلام ويؤيد عز وجل نفي ما توهم فيه فكأنه تعالى يقول الزمان ساعة فساعة ساعة ليل وساعة نهار ثم تارة تزداد ساعات الليل وتنقص ساعات النهار وأخرى بالعكس فلا الزيادة لهوى ولا النقصان لقلى بل كل لحكمة وكذا أمر الوحي مرة إنزال وأخرى حبس فلا كان الانزال عن هوى ولا الحبس عن قلى بل كل لحكمة وقيل ليسلى عز وجل بحالهما حبيبه عليه الصلاة والسلام كأنه سبحانه يقول انظر إلى هذين المتجاورين لا يسلم أحدهما من الآخر بل الليل يغلب تارة والنهار أخرى فكيف تطمع أن تسلم من الخلق والقولان مبنيان على أن المراد بالضحى النهار كله وبالليل إذا سجى جميع الليل وتخصيص الضحى على ما سمعت ولا لما سمعت وتخصيص الليل


الصفحة التالية
Icon