اختلفت الروايات في حجة النبي ﷺ هل كان مفرداً أو متمتعاً أو قارناً ؟ وهي ثلاثة أقوال للعلماء بحسب مذاهبهم السابقة ورجحت كل طائفة نوعاً وادّعت أن حجة النبي ﷺ كذلك وطريق الجمع بين روايات الصحابة واختلافهم في حجته ﷺ أنه كان أولاً مفرداً ثم إنه ﷺ أحرم بالعمرة بعد ذلك وأدخلها على الحج فصار قارناً فمن روى أنه كان مفرداً فهو الأصل ومن روي القرآن اعتمد آخر الأمر ومن روي التمتع أراد التمتع اللغوي وهو الانتفاع والارتفاق وقد ارتفق بالقرآن كارتفاق التمتع وزيادة وهو الاقتصار على فعل واحد، وبهذا أمكن الجمع بين الأحاديث المختلفة في صفة حجة الوداع وهو الصحيح وذكر الشافعي في كتاب اختلاف الحديث كلاماً موجزاً في ذلك فقال إن أصحاب رسول الله ﷺ كان منهم المفرد والقارن والمتمتع وكل كان يأخذ منه أمر نسكه ويصدر عن تعليمه فأضيف الكل إليه على معنى أنه أمر وأذن فيه ويجوز في لغة العرب إضافة الفعل إلى الأمر به كما تجوز إضافته إلى فاعله كما يقال بني فلان داره وأريد به أنه أمر ببنائها وكما يروى :" أن النبي ﷺ رجم ماعزاً " وإنما أمر برجمه، واختار الشافعي الإفراد واحتج في ترجيحه بأنه صح ذلك من رواية جابر وابن عباس وعائشة وهؤلاء لهم مزية في حجة الوداع على غيرهم، فأما جابر فهو أحسن الصحابة سياقة لرواية حديث حجة الوداع فإنه ذكرها من حين خرج النبي ﷺ من المدينة إلى آخرها فهو أضبط لها من غيره، وأما ابن عمر فصح عنه أنه كان آخذاً بخطام ناقة النبي ﷺ في حجة الوداع وإنما سمعه يلبي بالحج. وأما ابن عباس فمحله من العلم والفقه والدين معروف مع كثرة بحثه عن أحوال رسول الله ﷺ وأما عائشة فقربها من رسول الله معروف وإطلاعها على باطن أمره وظاهره مع كثرة فقهها وعلمها، ومن