وإنما قال أبشروا إذ كان نزولها على أثر تعيير المشركين المسلمين بالفقر فلا شك أنه صلّى اللّه عليه وسلم انشرح صدره بما رأى من عطف ربه عليه فأقبل على عبادته فقال له ربه "فَإِذا فَرَغْتَ" من دعوة الخلق "فَانْصَبْ ٧" لعبادة ربك، وداوم عليها واجتهد فيها "وَإِلى رَبِّكَ الذي أنعم عليك بما ذكر وما لم يذكر" "فَارْغَبْ ٨" في إجابة دعائك ورفع مقامك عنده وإظهار كلمتك لديه ينصرك على أعدائك، واجعل رغبتك في اللّه وإلى اللّه ومن اللّه وتضرّع اليه رغبة في جنته ورضاه ورهبة من ناره وعقابه، ولا تخل وقتا من أوقاتك دون عمل يرضيه فكلما فرغت من عبادة أتعبت نفسك فيها فاتبعها بغيرها وابتهل اليه فهو لا يردك.
قال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه إني لأكره أن أرى أحدكم سبهللا لا في عمل دنياه ولا في عمل آخرته، السبهلل الذي لا شيء معه والعاطل الذي لا عمل له ومعناه الفارغ.
ولا غرو أن يكون قعود الرجل من غير شغل أو اشتغاله بما لا يعنيه من أمور دنياه ودينه من سفه الرأي وسخافة العقل
واستيلاء الغفلة.
أعاذنا اللّه من ذلك وحفظنا ووقانا، ومن الخمول حمانا، هذا ولا يوجد سورة مختومة بما ختمت به هذه السورة واللّه أعلم، واستغفر اللّه ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم وصلى اللّه على سيدنا محمد وسلم وعلى آله وأصحابه وأتباعه أجمعين. أ هـ ﴿بيان المعاني حـ ١ صـ ١٦٠ ـ ١٦٣﴾