﴿ وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣) ﴾
وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
قال المبرد : هذا محمول على معنى ألم نشرح لا على لفظه، لأنك لا تقول ألم وضعنا ولكن معنى ألم نشرح قد شرحنا، فحمل الثاني على معنى الأول لا على ظاهر اللفظ، لأنه لو كان معطوفاً على ظاهره لوجب أن يقال : ونضع عنك وزرك.
المسألة الثانية :
معنى الوزر ثقل الذنب، وقد مر تفسيره عند قوله :﴿وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ﴾ [ الأنعام : ٣١ ] وهو كقوله تعالى :﴿لّيَغْفِرَ الله لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ [ الفتح : ٢ ].
وأما قوله :﴿أَنقَضَ ظَهْرَكَ﴾ فقال علماء اللغة : الأصل فيه أن الظهر إذا أثقل الحمل سمع له نقيض أي صوت خفي، وهو صوت المحامل والرحال والأضلاع، أو البعير إذا أثقله الحمل فهو مثل لما كان يثقل على رسول الله ﷺ من أوزاره.
المسألة الرابعة :
احتج بهذه الآية من أثبت المعصية للأنبياء عليهم السلام والجواب : عنه من وجهين الأول : أن الذين يجوزون الصغائر على الأنبياء عليهم السلام حملوا هذه الآية عليها، لا يقال : إن قوله :﴿الذى أَنقَضَ ظَهْرَكَ﴾ يدل على كونه عظيماً.
فكيف يليق ذلك بالصغائر، لأنا نقول : إنما وصف ذلك بإنقاض الظهر مع كونها مغفورة لشدة اغتمام النبي ﷺ بوقوعه منه وتحسره مع ندمه عليه، وأما إنما وصفه بذلك لأن تأثيره فيما يزول به من الثواب عظيم، فيجوز لذلك ما ذكره الله تعالى.


الصفحة التالية
Icon