" اللهم اهد قومي " وثامنها : لئن كان نزول السورة بعد موت أبي طالب وخديجة، فلقد كان فراقهما عليه وزراً عظيماً، فوضع عنه الوزر برفعه إلى السماء حتى لقيه كل ملك وحياة فارتفع له الذكر، فلذلك قال :﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ وتاسعها : أن المراد من الوزر والثقل الحيرة التي كانت له قبل البعثة، وذلك أنه بكمال عقله لما نظر إلى عظيم نعم الله تعالى عليه، حيث أخرجه من العدم إلى الوجود وأعطاه الحياة والعقل وأنواع النعم، ثقل عليه نعم الله وكاد ينقض ظهره من الحياء، لأنه عليه السلام كان يرى أن نعم الله عليه لا تنقطع، وما كان يعرف أنه كيف كان يطيع ربه، فلما جاءته النبوة والتكليف وعرف أنه كيف ينبغي له أن يطيع ربه، فحينئذ قل حياؤه وسهلت عليه تلك الأحوال، فإن اللئيم لا يستحي من زيادة النعم بدون مقابلتها بالخدمة، والإنسان الكريم النفس إذا كثر الإنعام عليه وهو لا يقابلها بنوع من أنواع الخدمة، فإنه يثقل ذلك عليه جداً، بحيث يميته الحياء، فإذا كلفه المنعم بنوع خدمة سهل ذلك عليه وطاب قلبه.
وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (٤)