وقال الآلوسى :
﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾
الشرح في الأصل الفسح والتوسعة وشاع استعماله في الإيضاح ومنه شرح الكتاب إذا أوضحه لما أن فسح الشيء وبسطه مستلزم لإظهار باطنه وما خفي منه وكذا شاع في سرور النفس حتى لو قيل أنه حقيقة عرفية فيه لم يبعد وذلك إذا تعلق بالقلب كان قيل شرح قلبه بكذا أي سره به لما أن القلب كالمنزل للنفس ويلزم عادة من فسح المنزل وتوسعته سرور النازل فيه وكذا إذا تعلق بالصدر الذي هو محل القلب وربما يؤذن ذلك بسعة القلب لما أن العادة كالمطردة في أن توسعة ما حوالي المنزل إنما تكون إذا كان المنزل واسعاً فيوسع ما حواليه لتحصيل زيادة بهجة ونحوها فيه فينتقل منه إلى سور النفس بالواسطة وقد يراد به إذا تعلق بالقلب أو الصدر أيضاً تكثير ما فيه من المعلومات فقيل يتخيل أنها تحتاج إلى فضاء تكون فيه وأن ذلك محل لها فمتى كانت كثيرة اقتضت أن يكون محلها واسعاً ليسعها وقد يراد بها تكثير ما في النفس من ذلك فقيل أيضاً بتخيل أن تكثير معلوماتها يستدعي توسيعها وتوسيعها يستدعي توسيع ذلك لتنزيله منزلة محلها وقد يراد به تأييد النفس بقوة قدسية وأنوار إلهية بحيث تكون ميداناً لمواكب المعلومات وسماء لكواكب الملكات وعرشاً لأنواع التجليات وفرشاً لسوائم الواردات فلا يشغله شأن عن شأن ويستوي لديه يكون وكائن وكان ووجه نسبته إلى الصدر على نحو ما مر وإرادة القلب من الصدر والنفس من القلب بعلاقة المحلية ونحوها مما لا تميل إليه النفس وإرادة كل مما ذكر بقرينة المقام والأنسب بمقام الامتنان هنا إرادة هذا المعنى الأخير وجوز غيره فالمعنى ألم نفسح صدرك حتى حوى عالمي الغيب والشهادة وجمع بين ملكتي الاستفادة والإفادة فما صدك الملابسة بالعلائق الجسمانية عن اقتباس أنوار الملكات الروحانية وما عاقك التعلق بمصالح الخلق عن الاستغراق في شؤون الحق وقيل المعنى ألم نزل همك وغمك بإطلاعك على حقائق الأمور وحقار الدنيا فهان عليك احتمال المكاره في الدعاء إلى الله