﴿ اقرأ باسم رَبّكَ ﴾ [ العلق : ١ ] الآيات ووقع أيضاً مرة أخرى تواترت بها الروايات خلافاً لمن أنكرها ليلة الإسراء به ﷺ روى البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن قتادة قال حدثنا أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة عن النبي ﷺ قال بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان فأتيت بطست من ذهب فيها ماء زمزم فشرح صدري إلى كذا وكذا قال قتادة قلت يعني لأنس ما تعني قال : إلى أسفل بطني قال فاستخرج قلبي فغسل بماء زمزم ثم أعيد مكانه ثم حشي إيماناً وحكمة ثم أتى بدابة دون البغل وفوق الحمار البراق فانطلقت مع جبريل عليه السلام حتى أتينا السماء الدنيا الحديث وطعن القاضي عبد الجبار في ذلك بما حاصله أنه يلزم على وقوعه في الصغر وقبل النبوة تقدم المعجزة على النبوة وهو لا يجوز ووقوعه بعد النبوة وإن لم يلزم عليه ما ذكر إلا أن ما ذكر معه من حديث الغسل وإدخال الرأفة والرحمة وحشو الإيمان والحكمة يرد عليه أن الغسل مما لا أثر له في التكميل الروحاني وإنما هو لإزالة أمر جسماني وأنه لا يصح إدخال ما ذكر وحشوه فإنما هو شيء يخلقه الله تعالى في القلب وليس بشيء فإن تقدم الخارق على النبوة جائز عندنا ونسميه إرهاصاً والأخبار كثيرة في وقولعه له عليه الصلاة والسلام قبل النبوة والغسل بالماء كان لإزالة أمر جسماني ولا يبعد أن يكون إزالته وغسل المحل بماء مخصوص كماء زمزم على ما صح في بعض الروايات ولذا قال البلقيني : إنه أفضل من مكاء الكوثر موجباً لتبديل المزاج وهو مما له دخل في التكميل الروحاني ولذا يأمر المشايخ السالكين لديهم بالرياضة التي يحصل بها تبديل المزاج ويرشد إلى ذلك تغير أحوال النفس وأخلاقها صبا وكهولة وشيخوخة والمراد من إدخال الرأفة وحشو الإيمان مثلاً إدخال ما به يحصل كمال ذلك وكثيراً ما يسمى المسبب باسم السبب مجازاً ويحتمل أن يكون على حقيقته وتجسم المعاني جائز وقال العارف بن أبي جمرة كما