وتشويقاً له عليه الصلاة والسلام إلى ما يعقبه ليتمكن عنده وقت وروده فضل تمكن وقرأ أبو جعفر المنصور ألم نشرح بفتح الحاء وخرجه ابن عطية وجماعة على أن الأصل ألم نشرحن بنون التأكيد الخفيفة فأبدل من النون ألفاً ثم حذفها تخفيفاً كما في قوله
: اضرب عنك الهموم طارقها...
ضربك بالسيف قونس الفرس
ولا يخفى أن الحذف هنا أضعف مما في البيت لأن ذلك في الأمر وهذا في النفي ولهذا روى ابن جني في المنتفى عن أبي مجاهد أنه غير جائز أصلاً فنون التوكيد أشبه شيء به الإسهاب والإطناب لا الإيجاز والاختصار والبيت يقال أنه مصنوع والأولى في التمثيل ما أنشده أبو زيد في نوادره
: من أي يومي من الموت افر...
أيوم لم يقدر أم يوم قدر
وقال غير واحد لعل أبا جعفر بين الحاء وأشبعها في مخرجها فظن السامع أنه فتحها وفي "البحر" أن لهذه القراءة تخريجاً أحسن مما ذكر وهو أن الفتح على لغة بعض العرب من النصب بلم فقد حكى اللحياني في نوادره أن منهم من ينصب بها ويجزم بلن عكس المعروف عند الناس وعلى ذلك قول عائشة بنت الأعجم تمدح المختار بن أبي عبيد
: في كل ما هم أمضى رأيه قدما...
ولم يشاور في الأمر الذي فعلا
وخرجها بعضهم على أن الفتح لمحاورة ما بعدها كالكسر في قراءة ﴿ الحمد لله ﴾ [ الفاتحة : ٢ ] بالجر وهو لا يتأتى في بيت عائشة ويتأتى فيما عداه مما مر وقوله تعالى :
﴿ وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ ﴾
عطف على ما أشير إليه من مدلول الجملة السابقة كأنه قيل قد شرحنا لك صدرك ووضعنا الخ وعنك متعلق بوضعنا وتقديمه على المفعول الصريح لما مر من القصد إلى تعجيل المسرة والتشويق إلى المؤخر ولما أن في وصفه نوع طول فتأخير الجار والمجرور عنه مخل بتجاوب أطراف النظم الكريم والوزر الحمل الثقيل أي وحططنا عنك حملك الثقيل.


الصفحة التالية
Icon