وأما اليسر فإنه مذكور على سبيل التنكير، فكان أحدهما غير الآخر، وزيف الجرجاني هذا وقال : إذا قال الرجل : إن مع الفارس سيفاً، إن مع الفارس سيفاً، يلزم أن يكون هناك فارس واحد ومعه سيفان، ومعلوم أن ذلك غير لازم من وضع العربية الوجه الثاني : أن تكون الجملة الثانية تكريراً للأولى، كما كرر قوله :﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ﴾ [ المطففين : ١٠ ] ويكون الغرض تقرير معناها في النفوس وتمكينها في القلوب، كما يكرر المفرد في قولك : جاءني زيد زيد، والمراد من اليسرين : يسر الدنيا وهو ما تيسر من استفتاح البلاد، ويسر الآخرة وهو ثواب الجنة، لقوله تعالى :﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلا إِحْدَى الحسنيين﴾ [ التوبة : ٥٢ ] وهما حسن الظفر وحسن الثواب، فالمراد من قوله :"لن يغلب عسر يسرين" هذا، وذلك لأن عمر الدنيا بالنسبة إلى يسر الدنيا، ويسر الآخرة كالمغمور القليل، وههنا سؤالان.
الأول : ما معنى التنكير في اليسر ؟ جوابه : التفخيم، كأنه قيل : إن مع اليسر يسراً، إن مع العسر يسراً عظيماً، وأي يسر.
السؤال الثاني : اليسر لا يكون مع العسر، لأنهما ضدان فلا يجتمعان الجواب : لما كان وقوع اليسر بعد العسر بزمان قليل، كان مقطوعاً به فجعل كالمقارن له.
فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧)


الصفحة التالية
Icon