وقال ابن عطية فى الآيات السابقة :
﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) ﴾
عدد الله على نبيه ﷺ نعمه عليه في أن شرح صدره للنبوة وهيأه لها، وذهب الجمهور إلى شرح الصدر المذكور هو تنويره بالحكمة وتوسيعه لتلقي ما يوحي إليه، وقال ابن عباس وجماعة : هذه إشارة إلى شرحه بشق جبريل عنه في وقت صغره، وفي وقت الإسراء إذ التشريح شق اللحم، وقرأ أبو جعفر المنصور " ألم نشرحَ " بنصب الحاء على نحو قول الشاعر [ طرفة ] :[ المنسرح ]
أضرب عنك الهموم طارقها... ضربك بالسيف قونس الفرس
ومثله في نوادر أبي زيد :[ الرجز ]
من أي يومي من الموت أفر... أيوم لم يقدر أم يوم قدر
كأنه قال :" ألم نشرحن " ثم أبدل من النون ألفاً ثم حذفها تخفيفاً، وهي قراءة مردودة، و" الوزر " الذي وضعه الله عنه هو عند بعض المتأولين الثقل الذي كان رسول الله ﷺ وحيرته قبل المبعث إذ كان يرى سوء ما قريش فيه من عبادة الأصنام. وكان لم يتجه له من الله تعالى أمر واضح، فوضع الله تعالى عنه ذلك الثقل بنبوته وإرساله. وقال أبو عبيدة وغيره المعنى : خففنا عليك أثقال النبوة وأعناك على الناس، وقال قتادة وابن زيد والحسن وجمهور من المفسرين : الوزر هنا، الذنوب، وأصله الثقل، فشبهت الذنوب به، وهذه الآية نظير قوله تعالى :﴿ ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ﴾ [ الفتح : ٢ ] وكان رسول الله ﷺ في الجاهلية قبل النبوة وزره صحبة قومه وأكله من ذبائحهم ونحو هذا، وقال الضحاك : وفي كتاب النقاش حضوره مع قومه المشاهد التي لا يحبها الله تعالى.


الصفحة التالية
Icon