﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ فيه قولان : أحدهما أن أحسن التقويم هو حسن الصورة وكمال العقل والشباب والقوة وأسفل سافلين الضعف والهرم والخوف فهو كقوله تعالى :﴿ وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الخلق ﴾ [ يس : ٦٨ ] وقوله :﴿ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً ﴾ [ الروم : ٥٤ ] وقوله ﴿ إِلاَّ الذين آمَنُواْ ﴾ بعد هذا غير متصل بما قبله، والاستثناء على هذا القول منقطع بمعنى لكن لأنه خارج عن معنى الكلام الأول. والآخر أن حسن التقويم : الفطرة على الإيمان وأسفل سافلين الكفر أو تشويه الصورة في النار، والاستثناء على هذا متصل، لأن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لم يردوا أسفل سافلين ﴿ غَيْرُ مَمْنُونٍ ﴾ قد ذكر ﴿ فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بالدين ﴾ فيه قولان : أحدهما : أنه خطاب للنبي ﷺ والدين شريعته، والمعنى أي شيء يكذبك الدين بعد هذه الدلائل التي تشهد بصحة نبوّتك؟ والآخر أنه خطاب للإنسان الكافر، والدين على هذا الشريعة أو الجزاء الأخروي ومعنى يكذبك على هذا يجعلك كاذباً، لأن من أنكر فهو كاذب والمعنى أي شيء يجعلك كاذباً بسبب كفرك بالدين بعد أن علمت أن الله خلقك في أحسن تقويم، ثم ردّك أسفل سافلين، ولا شك أنه يقدر على بعثك كما قدر على هذا، فلأي شيء تكذب بالبعث و الجزاء؟ ولا شك أنه يقدر على بعثك كما قدر على هذا، فلأي شيء تكذب بالعبث والجزاء؟ ﴿ أَلَيْسَ الله بِأَحْكَمِ الحاكمين ﴾ ؟ تقرير ووعيد للكفار بأن يحكم عليهم بما يستحقون، وكان رسول الله ﷺ إذا قرأها قال : بلى وأنا على ذلك من الشاهدين. أ هـ ﴿التسهيل حـ ٤ صـ ٢٠٦ ـ ٢٠٧﴾