التفسير : إن التين والزيتون كيف أقسم الله بهما من بين سائر المخلوقات الشريفة؟ للمفسرين فيه قولان : فعن ابن عباس : هو تينكم وزيتونكم هذان من خواص التين أنه غذاء فاكهة ودواء لأنه طعام لطيف سريع الهضم ما بين الطبع، ويخرج بطريق الرشح ويقلل البغلم ويطهر الكليتين ويزيل ما في المثانة من الرمل ويسمن البدن ويفتح مسام الكبد والطحال. وروي أنه أهدي لرسول الله ﷺ طبق من تين فأكل منه وقال لأصحابه " كلوا فلو قلت : إن فاكهة نزلت من الجنة لقلت : هذه لأن فاكهة الجنة بلا عجم فكلوه فإنه يقطع البواسير وينفع من النقرس " وعن علي بن موسى الرضا رضي الله عنه : التين يزيل نكهة الفم ويطول الشعر وهو أمان من الفالج. ومن خواصه أن ظاهره كباطنه ماله قشر ولا نواة له وأنها شجرة تظهر المعنى قبل الدعوى تأتي بالثمرة ثم بالنورخلاف المشمش واللوز. ونحوهما، وسائر الأشجار كأرباب المعاملات في قوله ﷺ " ابدأ بنفسك ثم بمن تعول " لأنها تلبس نفسها أولاً بورد أو ورق ثم تظهر ثمرتها، وشجرة التين كالمصطفى ﷺ كان يبدأ بغير ثم يبدأ بنفسه كما قال ﴿ ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ﴾ [ الحشر : ٩ ] وإنها تعود ثمرتها في العام مرة أخرى، وإنها في المنام رجل خير وغنى فمن رآها نال خيراً وسعة، ومن أكلها رزقه الله أولاداً. ويروى أن آدم عليه السلام تستر بورقها حين نزع عنه ثيابه فلما نزل وكان مستوراً بورق التين استوحش فطاف الظباء حوله فاستأنس بها فأطعهما بعض ورق التين فرزقها الله الجمال والملاحة صورة، والمسك وطيبة معنى، وحين تفرقت الظباء ورأى غيرهن منها ما أعجبها جاءت من الغد على أثرهن فأطعمها من الورق فغير الله حالها إلى الجمال والملاحة دون طيب المسك، وذلك أن الطائفة الأولى جاءت إلى آدم لا لأجل الطمع، والطائفة الثانية جاءت للطمع سراً وإلى آدم ظاهراً، فلا جرم غير ظاهرها دون