فهذه المصالح والمنافع هي التي جوزت الإقسام بهما. القول الثاني : إنه ليس المراد بهما هذه الثمرة ثم اختلفوا. فعن ابن عباس في رواية : هما جبلان في الأرض المقدسة يقال لهما طور تينا وطور زيتا لأنهما منبتا التين والزيتون. وهما منشأ عيسى ومبعثه ومبعث أكثر أنبياء بني إسرائيل، كما أن طور سينين مبعث موسى، والبلد الأمين مبعث محمد صلى الله عليه وسلم. وقال ابن زيد : التين مسجد دمشق، والزيتون مسجد بيت المقدس. وقيل : التين مسجد الكهف، والزيتون مسجد إيليا. وعن ابن عباس أيضاً : التين مسجد نوح على الجودي، والزيتون مسجد بيت المقدس، وعن كعب : أن التين دمشق، والزيتون بيت المقدس. عن شهر بن حوشب : التين الكوفة والزيتون الشأم. وعن الربيع : هما جبلان من بين همذان وحلوان، وأما طور سينين فالطور جبل موسى عليه السلام وسينين الحسن بلغة الحبشة. وقال مجاهد : المبارك وقال الكلبي ومقاتل : كل جبل فيه شجر مثمر فهو سينين وسينا بلغة النبط. قال الواحدي : الأولى أن يكون سينين اسماً للمكان الذي فيه الطور سمي بذلك لحسنه أو لبركته، ثم أضيف إليه الطور للبيان. لإضافته إليه وسميت مكة أميناً لأنه يحفظ من دخله كما يحفظ الأمين وما يؤتمن عليه، ويجوز أن يكون " فعيلاً " بمعنى " مفعولاً " لأنه مأمون الغوائل كما جعله آمناً لكونه إذا أمن أقول : من المعلوم أن الإقسام ينبغي في باب البلاغة أن يكون مناسباً وكذا القسم والمقسم عليه، وكان الله سبحانه أقسم بالمراتب الأربع التي للنفس الإنسانية من العقل الهيولاني والعقل بالملكة والعقل بالفعل والعقل المستفاد إن الإنسان خلق في أحسن تقويم وهو كونه مستعداً للوصول إلى المرتبة الرابعة في العلم والعمل، ثم إذا لم يجتهد في الوصول إلى كماله اللائق به فكأنه رد إلى أسفل سافلين الطبيعة، وإنما عبر عن العقل الهيولاني بالتين لضعف شجرته، ولأنه زمان الصبا واللهو والالتذاذ والاشتغال بالأمور


الصفحة التالية
Icon