وقال القاسمى :
سورة التين
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ ﴾ [ ١ - ٣ ]اعلم أن المفسرين لم يختلفوا في أن البلد الأمين مكة المشرفة، الآمن أهلها أن يحارَبوا كما قال الله تعالى :
﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ﴾ [ العنكبوت : ٦٧ ]، وأما المقسمات بها قبل، ففيها أقوال للسلف لاحتمال موادها لكل منها، فعن مجاهد والحسن وغيرهما أن التين الذي يؤكل، و ﴿ الزَّيْتُونَ ﴾ الذي يعصر. قالوا : وخصهما لكثرة فوائدهما وعظم منافعهما. وعن قتادة التين الجبل الذي عليه دمشق، و الزيتون الذي عليه بيت المقدس. وعن كعب وابن زيد : التين مسجد دمشق و الزيتون بيت المقدس. فظهر أنهما الشجران المعلومان أو جبلان أو مسجدان. وصوب ابن جرير الأول منها، وعبارته : والصواب من القول في ذلك عندنا، قول من قال ﴿ التِّين ﴾ : هو التين الذي يؤكل، و ﴿ الزَّيْتُون ﴾ هو : الزيتون الذي يعصر منه الزيت ؛ لأن ذلك هو المعروف عند العرب. ولا يعرف جبل يسمى تيناً ولا جبل يقال له : زيتون، إلا أن يقول قائل : أقسم ربنا جل ثناؤه بالتين والزيتون، والمراد من الكلام، القسم بمنابت التين ومنابت الزيتون، فيكون ذلك مذهباً وإن لم يكن على صحة ذلك أنه كذلك، دلالة في ظاهر التنزيل ولا من قول من لا يجوِّز خلافهُ، لأن دمشق بها منابت التين، وبيت المقدس منابت الزيتون. انتهى كلامه. وفيه نظر، لأن من حفظ حجة على من لم يحفظ. كيف وجبل الزيتون هو من جبال فلسطين، معروف ذلك عند علماء أهل الكتاب والمؤلفين في تقويم البلاد.
قال صاحب " الذخيرة " في تعداد جبال فلسطين : ويتصل بجبال إسرائيل جبل الزيتون. قال : وقد دعي كذلك لكثرة الزيتون فيه، وهو قريب المسافة من أورشليم، وفيه صعد المسيح لكي يرتفع إلى السماء. انتهى.