أما قوله تعالى :﴿وَطُورِ سِينِينَ﴾ فالمراد من الطور الجبل الذي كلم الله تعالى موسى عليه السلام عليه، واختلفوا في سينين والأولى عند النحويين أن يكون سينين وسينا اسمين للمكان الذي حصل فيه الجبل أو أضيفا إلى ذلك المكان، وأما المفسرون فقال ابن عباس في رواية عكرمة : الطور الجبل وسينين الحسن بلغة الحبشة، وقال مجاهد :﴿وَطُورِ سِينِينَ﴾ المبارك، وقال الكلبي : هو الجبل المشجر ذو الشجر، وقال مقاتل : كل جبل فيه شجر مثمر فهو سينين وسينا بلغة النبط قال الواحدي : والأولى أن يكون سينين اسماً للمكان الذي به الجبل، ثم لذلك سمي سينين أو سيناً لحسنه أو لكونه مباركاً، ولا يجوز أن يكون سينين نعتاً للطور لإضافته إليه.
أما قوله تعالى :﴿وهذا البلد الأمين﴾ فالمراد مكة والأمين : الآمن قال صاحب " الكشاف " : من أمن الرجل أمانة فهو أمين وأمانته أن يحفظ من دخله كما يحفظ الأمين ما يؤتمن عليه، ويجوز أن يكون فعيلاً بمعنى مفعول من أمنه لأنه مأمون الغوائل، كما وصف بالأمن في قوله :﴿حَرَماً ءامِناً﴾ [ العنكبوت : ٦٧ ] يعني ذا أمن، وذكروا في كونه أميناً وجوهاً أحدها : أن الله تعالى حفظه عن الفيل على ما يأتيك شرحه إن شاء الله تعالى وثانيها : أنها تحفظ لك جميع الأشياء فمباح الدم عند الالتجاء إليها آمن من السباع والصيود تستفيد منها الحفظ عند الالتجاء إليها وثالثها : ما روى أن عمر كان يقبل الحجر، ويقول : إنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله ﷺ يقبلك ما قبلتك، فقال له علي عليه السلام : إما أنه يضر وينفع إن الله تعالى لما أخذ على ذرية آدم الميثاق كتبه في رق أبيض، وكان لهذا الركن يومئذ لسان وشفتان وعينان، فقال : افتح فاك فألقمه ذلك الرق وقال : تشهد لمن وافاك بالموافاة إلى يوم القيامة، فقال عمر : لأبقيت في قوم لست فيهم يا أبا الحسن.