وفيه سؤالان :
الأولى : من المخاطب بقوله :﴿فَمَا يُكَذّبُكَ﴾ ؟ الجواب فيه قولان : أحدهما : أنه خطاب للإنسان على طريقة الالتفات، والمراد من قوله :﴿فَمَا يُكَذّبُكَ﴾ أن كل من أخبر عن الواقع بأنه لا يقع فهو كاذب، والمعنى فما الذي يلجئك إلى هذا الكذب والثاني : وهو اختيار الفراء أنه خطاب مع محمد ﷺ، والمعنى فمن يكذبك يا أيها الرسول بعد ظهور هذه الدلائل بالدين.
السؤال الثاني : ما وجه التعجب ؟ الجواب : أن خلق الإنسان من النطفة وتقويمه بشراً سوياً وتدريجه في مراتب الزيادة إلى أن يكمل ويستوي، تم تنكيسه إلى أن يبلغ أرذل العمر دليل واضح على قدرة الخالق على الحشر والنشر، فمن شاهد هذه الحالة ثم بقي مصراً على إنكار الحشر فلا شيء أعجب منه.
أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (٨)
وفيه مسألتان :
المسألة الأولى :
ذكروا في تفسيره وجهين أحدهما : أن هذا تحقيق لما ذكر من خلق الإنسان ثم رده إلى أرذل العمر، يقول الله تعالى : أليس الذي فعل ذلك بأحكم الحاكمين صنعاً وتدبيراً، وإذا ثبتت القدرة والحكمة بهذه الدلالة صح القول بإمكان الحشر ووقوعه، أما الإمكان فبالنظر إلى القدرة، وأما الوقوع فبالنظر إلى الحكمة لأن عدم ذلك يقدح في الحكمة، كما قال تعالى :﴿وَمَا خَلَقْنَا السماء والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا باطلا ذلك ظَنُّ الذين كَفَرُواْ﴾ [ ص : ٢٧ ].
والثاني : أن هذا تنبيه من الله تعالى لنبيه عليه السلام بأنه يحكم بينه وبين خصومه يوم القيامة بالعدل.
المسألة الثانية :