هو الصلاة وهو قوله :﴿أَرَأَيْتَ الذى ينهى * عَبْداً إِذَا صلى﴾ والمذكور ههنا أمران، وهو قوله :﴿أَرَءيْتَ إِن كَانَ على الهدى﴾ في فعل الصلاة، فلم ضم إليه شيئاً ثانياً، وهو قوله :﴿أَوْ أَمَرَ بالتقوى﴾ ؟ جوابه : من وجوه أحدها : أن الذي شق على أبي جهل من أفعال الرسول عليه الصلاة والسلام هو هذان الأمران الصلاة والدعاء إلى الله، فلا جرم ذكرهما ههنا وثانيها : أن النبي عليه الصلاة والسلام كان لا يوجد إلا في أحد أمرين، إما في إصلاح نفسه، وذلك بفعل الصلاة أو في إصلاح غيره، وذلك بالأمر بالتقوى وثالثها : أنه عليه السلام كان في صلاته على الهدى وآمراً بالتقوى، لأن كل من رآه وهو في الصلاة كان يرق قلبه.
فيميل إلى الإيمان، فكان فعل الصلاة دعوة بلسان الفعل، وهو أقوى من الدعوة بلسان القول.
أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٣)
وفيه قولان.
القول الأول : أنه خطاب مع الرسول عليه الصلاة والسلام، وذلك لأن الدلائل التي ذكرها في أول هذه السورة جلية ظاهرة، وكل أحد يعلم ببديهة عقله، أن منع العبد من خدمة مولاه فعل باطل وسفه ظاهر، فإذن كل من كذب بتلك الدلائل وتولى عن خدمة مولاه بل منع غيره عن خدمة مولاه يعلم بعقله السليم أنه على الباطل، وأنه لا يفعل ذلك إلا عناداً، فلهذا قال تعالى لرسوله : أرأيت يا محمد إن كذب هذا الكافر بتلك الدلائل الواضحة، وتولى عن خدمة خالقه، ألم يعلم بعقله أن الله يرى منه هذه الأعمال القبيحة ويعلمها، أفلا يزجره ذلك عن هذه الأعمال القبيحة والثاني : أنه خطاب للكافر، والمعنى إن كان يا كافر محمد كاذباً أو متولياً، ألا يعلم بأن الله يرى حتى ينتهي بل احتاج إلى نهيك.
أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (١٤)
ففيه مسألتان :
المسألة الأولى :


الصفحة التالية
Icon