حولها هذا مع عدم تأتي القرب منها فكيف بمن يقرب من خلقه كيف يشاء وهو مستو على عرشه وأهل الذوق لا يلتفتون فى: ذلك إلى شبهة معطل بعيد من الله خلى من محبته ومعرفته والقصد: أن هذا القرب يدعو صاحبه إلى ركوب المحبة وكلما ازداد حبا ازداد قربا فالمحبة بين قربين: قرب قبلها وقرب بعدها وبين معرفتين: معرفة قبلها حملت عليها ودعت إليها ودلت عليها ومعرفة بعدها هي من نتائجها وآثارها
وأما ربطه بروح الأنس: فهو تعلق قلبه بروح الأنس بالله تعلقا لازما لا يفارقه بل يجعل بين القلب والأنس رابطة لازمة ولا ريب أن هذا يكره إليه ملابسة الخلق بل يجد الوحشة في ملابستهم بقدر أنسه بربه وقرة عينه بحبه وقربه منه فإنه ليس مع الله غيره فإن لابسهم لابسهم برسمه دون سره وروحه وقلبه فقلبه وروحه في ملأ وبدنه ورسمه في ملأ
فصل قال: الدرجة الثالثة: حياء يتولد من شهود الحضرة وهي التي لا
تشوبها هيبة ولا تقارنها تفرقة ولا يوقف لها على غاية شهود الحضرة: انجذاب الروح والقلب من الكائنات وعكوفه على رب البريات فهو في حضرة قربه مشاهدا لها وإذا وصل القلب إليها غشيته الهيبة وزالت عنه التفرقة إذ ما مع الله سواه فلا يخطر بباله في تلك الحال سوى الله وحده وهذا مقام الجمعية وأما قوله: ولا يوقف لها على غاية فيعني أن كل من وصل إلى مطلوبه وظفر به: وصل إلى الغاية إلا صاحب هذا المشهد فإنه لا يقف بحضرة الربوبية على غاية فإن ذلك مستحيل بل إذا شهد تلك الروابى ووقف على تلك الربوع وعاين الحضرة التى هي غاية