على ما تكلم به، لأنه صلّى اللّه عليه وسلم لم ير الجفاء من قومه إلا بعد موته، قال تعالى :
«كلّا» لا يعلم أبو جهل رؤية اللّه لعمله القبيح الذي يقوم به عنادا وعتوا وتكذيبا لحضرة الرسول، وعزتي وجلالي «لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ» عن إيذاء الرسول ولم يرجع عما هو عليه «لَنَسْفَعاً» لناخذنّه ونجذبه «بِالنَّاصِيَةِ ١٥» ونقذفنه بالنار والسفع أخذ الشيء وجذبه بشدّة وكتب نسفعا بالألف اعتبارا بحال الوقف، ويجوز في غير القرآن كتابته بالنون كسائر الأفعال المتصل بها نون التوكيد الخفيفة وعليه قوله :
يحسب الجاهل ما لم يعلما شيخا على كرسيه معمّما
فلم تكتب بالنون للروى، والروى كحال الوقف.
والسفع والصفع الضرب على الرقبة، واللطم الضرب على الوجه، واللكم الضرب بمجموع اليد ومثله الوكز، راجع الآية ١٥ من سورة القصص الآتية «ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ ١٦» أي صاحبها موصوف بهذه الصفات الخسيسة، ويشمل هذا كل من يعمل عمل أبي جهل، قال ابن عباس : لما نهى أبو جهل حضرة الرسول عن الصلاة انتهره، فقال : أتنهرني واللّه لأملأن عليك هذا الوادي خيلا جردا ورجالا مردا وإنك لتعلم ما بها ناد أكثر مني.
فأنزل اللّه جل شأنه ما به يتحداه فقال :«فَلْيَدْعُ نادِيَهُ ١٧» اي أهل ناديه من اطلاق المحل وإرادة الحال فيه مثل «وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ» الآية ٨٢ من سورة يوسف في ج ٢، أي فليدع أهله وعشيرته ومن يضمه مجلسه.
مطلب معرفة بعض الألفاظ.
واعلم أن المجلس لا يسمى مجلسا إلا وفيه ناس وإلا فهو بيت، كما لا تسمى المائدة مائدة إلا وعليها الطعام وإلا فهي خوان، والكأس لا تسمى كأسا إلا وفيها الشراب وإلا فهي زجاجة، والقلم لا يسمى قلما إلا وهو مبري وإلا فهو قصبة، هذا، ويطلق الأخذ بالناصية على الأخذ بمقدم شعر الرأس، قال عمرو بن معديكرب :
قوم إذا كثر الصياح رأيتهم ما بين ملجم مهره أو سافع