﴿لئن أشركت ليحبطن عملك﴾ [ الزمر : ٦٥ ] وبابه، وحكم هذا القبيل واضح في حق من تعدى إليه الخطاب وقصد بالحقيقة به من أمته ـ ﷺ ـ من حيث عدم عصمتهم وإمكان تطرق الشكوك والشبهة إليهم، فتقدير الكلام : أيّ شيء يمكن فيه أن يحملكم على التوقف أو التكذيب بأمر الحساب، وقد وضح لكم ما يرفع الريب ويزيل الإشكال، ألم تعلموا أن ربكم أحكم الحاكمين؟ أفيليق به وهو العليم الخبير أن يجعل اختلاف أحوالكم في الشكوك بعد خلقكم في أحسن تقويم؟ أفيحسن أن يفعل ذلك عبثاً؟ وقد قال تعالى :﴿وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما باطلاً﴾ [ ص : ٢٧ - ولكن قراءتنا - وما خلقنا السماء - لا بالجمع ] فلما قرر سبحانه العبيد على أنه أحكم الحاكمين مع ما تقدم ذلك من موجب نفي الاسترابة في نوع الحق إذا اعتبر ونظر، ووقعت في الترتيب سورة العلق مشيرة إلى ما به يقع الشفاء، ومنه يعلم الابتداء والانتهاء، وهو كتابه المبين، الذي جعله الله تعالى تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمحسنين، فأمر بقراءته ليتدبروا آياته فقال ﴿اقرأ باسم ربك﴾ مستعيناً به فسوف يتضح سبيلك وينتهج دليلك ﴿تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً﴾ [ الفرقان : ١ ] وأيضاً فإنه تعالى أعلم عباده بخلقه الإنسان في أحسن تقويم ﴿ثم رددناه أسفل سافلين﴾ [ التين : ٥ ] وحصل منه على ما قدم بيانه افتراق الطرفين وتباين القائلين، كل ذلك بسابق حكمته وإرادته ﴿ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها﴾ وقد بين سبحانه لنا أقصى غاية ينالها أكرم خلقه وأجل عباده لديه من الصنف الإنساني، وذلك فيما أوضحت السورتان قبل من حال نبينا المصطفى ـ ﷺ ـ وجليل وعده الكريم له في قوله ﴿ولسوف يعطيك ربك فترضى﴾ [ الضحى : ٥ ] وفضل حال ابتداء ﴿ألم نشرح﴾ على تقدم سؤال ﴿رب اشرح﴾ [ طه : ٢٥ ] إلى ما أشارت إليه آي السورتين من خصائصه الجليلة، وذلك أعلى مقام يناله أحد