وقال ابن كثير :
تفسير سورة اقرأ
وهي أول شيء نزل من القرآن.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥) ﴾قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق، حدثنا مَعْمَر، عن الزهري، عن عُرْوَة، عن عائشة قالت : أول ما بدئ به رسول الله ﷺ من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فَلَق الصبح. ثم حُبب إليه الخلاء، فكان يأتي حراء فيتحنث فيه - وهو : التعبد - الليالي ذواتَ العدد، ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فَتُزَوِّد لمثلها حتى فَجَأه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فيه فقال : اقرأ. قال رسول الله ﷺ :"فقلت : ما أنا بقارئ". قال :"فأخذني فَغَطَّني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني، فقال : اقرأ. فقلت : ما أنا بقارئ. فَغَطَّني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال : اقرأ. فقلت : ما أنا بقارئ. فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال :﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ حتى بلغ :﴿ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ قال : فرجع بها تَرجُف بَوادره حتى دخل على خديجة فقال :"زملوني زملوني". فزملوه حتى ذهب عنه الرَّوْع. فقال : يا خديجة، ما لي : فأخبرها الخبر وقال :"قد خشيت علي". فقالت له : كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا ؛ إنك لتصل الرحم، وتصدُق الحديث، وتحمل الكَلَّ، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق. ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به وَرَقة بن نوفل بن أسَد بن عبد العُزى ابن قُصي - وهو ابن عم خديجة، أخي أبيها، وكان امرأ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العربي، وكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخًا كبيرًا قد عَميَ - فقالت خديجة : أيّ ابن عم، اسمع من ابن أخيك. فقال ورقة : ابنَ أخي، ما ترى ؟ فأخبره رسول الله ﷺ ما رأى، فقال ورقة : هذا الناموس الذي أنزل على موسى ليتني فيها جَذعا أكونُ حيا حين يخرجك قومك. فقال رسول الله ﷺ :"أومخرجيَّ هُم ؟". فقال ورقة :